رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر: المباني صفرية الطاقة الحل الأمثل لمواجهة مخاطر استدامة انتاج الطاقة

– المجلس اطلق مبادرة “كونسورتيوم المباني الصفرية” وتوصيات بإدراجها ضمن مواصفات المشروعات العقارية

– 150 مليار دولار كلفة التدهور البيئى فى الوطن العربى

كشف الدكتور محمد جمال كفافى، رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الاخضر WGECO، امين عام اتحاد منظمات الطاقة والتنمية المستدامة، عن اطلاق المجلس مبادرة الكونسورتيوم الوطني للمباني صفرية الطاقة والتي اصبحت ضرورة ملحة لمواجهة مخاطر وتحديات الدول فى استدامة انتاج الطاقة.
 
وأكد كفافي، أن استدامة انتاج الطاقة من ابرز التحديات التي تواجه الوطني العربي ولم يعد هناك خيارا للدول العربية سوي تحول سياسات الاعمار والتطوير العقاري إلى المباني صفرية الطاقة، شريطة تهيئة الحكومات بيئة عمل أفضل، وتشجع الاستثمار في تعميق صناعة معدات واجهزة ومستلزمات انتاج الطاقة المستدامة، وتعزيز النشاطات الاقتصادية ذات القيمة المضافة، مما يؤدي إلى زيادة فرص العمل والحدّ من البطالة مع حماية البيئة.
 
واوضح أن مبادرة الكونسورتيوم الوطني للمباني صفرية الطاقة يتكون من عدة شركات متخصصة في اقامة المحطات الشمسية وتحويل المخلفات الي الطاقة وانتاج الاجهزة عالية الكفاءة والعزل الحراري والنوافذ العازله وأنظمة إدارة الطاقة الذكيّة لتتكامل الخبرات والامكانيات في الكونسورتيوم الوطني لتطوير المباني الحالية واقامة مباني جديدة صفرية الطاقة.
 
وأكد أن المجلس أوصي لمواكبة تلك التوجهات العالمية وحرصا علي مستقبل الشعوب والحكومات العربية، باعداد وأصدار قانون للمحاسبة البيئية وضريبة البصمة الكربونية وادخال المحاسبة البيئية ضمن حسابات الدخل القومي والناتج المحلي الاجمالي لقياس وتقويم النشاط الاقتصادي للمجتمع ككل، وإدراج اشتراطات ومواصفات المباني صفرية الطاقة في كافة المشروعات الحكومية والخاصة للاعمار والتطوير العقاري، وتعزيز التعليم الاخضر والإنتاج الفكري والتكنولوجي والابداعي والربط بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي، وتشجيع فرص الاستثمار في المباني صفرية الطاقة ومشروعات الريادة الخضراء من خلال منح قروض بدون فوائد وفتح أسواق جديدة محليًا واقليميًا، ووضع مؤشرات وطنية لقياس مقدار التحول الي المباني صفرية الطاقة وتنمية مشروعات الريادة الخضراء والتحسين المستمر للنتائج فلم يعُدْ الاستمرار في العيش بأنماط تفوق إمكانيات الدولة خياراً فعَّالاً على المدى الطويل، فالقضية تتمثل في تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك بسرعة تكفي للحاق بالنمو الاقتصادي، فبإمكاننا العيش بطريقة أفضل ولكن باستخدام اقل من نصف ما نستخدمه من مواردنا الثمينة.
 
وقال أن المجتمع العربي يواجه تحديات صعبة نتيجة الازدياد المتسارع في السكان الذي سجل أعلى نسبة نمو سكاني في العالم، متوقعًا أن يصل مجموع السكان في البلدان العربية إلى 586 مليون نسمة بحلول عام 2050، بما قد يؤدي إلى تزايد الطلب علي البناء والضغط على البيئة عبر زيادة استهلاك الطاقة والمياه والموارد غير المتجددة، وارتفاع التلوث، وزيادة الاستخدام الجائر للموارد المائية و التصحّر وانعدام الأمن الغذائي وندرة المياه، وغيرها، وتوقع أنه سيحدث نحو 95 % من التوسع الحضري في العقود المقبلة في العالم النامي، حيث تشكل الطاقة بأنواعها المختلفة عصب حياتنا وأساس استمرارنا، حيث لا يخلو جانب من جوانب الحياة من أحد هذه الأنواع، لكن لسوء الحظ فإنّ 80% من الطاقة المستهلكة عالمياً تأتي من مصادر غير متجددة مثل النفط والغاز، وقد يأتي اليوم الذي تنفذ فيه، كما أنها المصدر الأساسي لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبط مباشرةً بالتغير المناخي، الذي يعد القضية الأبرز التي تواجه البشرية.
 
وأضاف “كفافى”، ان التوسع العمراني ودعم أسعار السلع والخدمات خلال العقود الماضية أدي إلي أرتفاع غير مسبوق في الطلب علي الطاقة والغذاء والمياه والموارد الطبيعية الاخري المعرضة للنضوب في المنطقة العربية، حيث ان البلدان العربية حاليا تستهلك اكثر من ضعف كمية الموارد التي يمكن لانظمتها الطبيعية اعادة انتاجها، كما يقدر معدل التكلفة السنوية للتدهور البيئي في البلدان العربية بنحو 150 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من مجموع ناتجها المحلي الاجمالي، مشيراً إلى أنّ استهلاك المباني السكنية والتجارية يشكّل حوالي 65% من إجمالي موارد الطاقة في العالم، وتسهم في انبعاث حوالي 60 % من ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى فواتير الطاقة المرتفعة والمتزايدة باستمرار، كلها أسباب جعلت تحسين استهلاك الطاقة وإنتاجها الذاتي في هذه المباني أمراً بالغ الأهمية، فتوجهت غالبية الأبحاث والتطبيقات إلى المباني المكتفية ذاتياً بالطاقة أو المباني صفرية الطاقة.
 
وقال أن المباني صفرية الطاقة هي مباني سكنية أو تجارية، تعظم كفاءة استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى تحقيق التوازن ما بين الطاقة المستهلكة والطاقة المولّدة من قبل البناء نفسه، وذلك من مصادر الطاقة المتجددة كالشمس والرياح والمخلفات وغيرها، أي ببساطة هي المباني التي تنتج مقدار من الطاقة مساوي تقريبا للاستهلاك، وهذه المباني متصلة بالشبكة الكهربائية العادية أيضاً، حيث يمكن بيع الفائض من الطاقة المنتجة أو استهلاك كمية إضافية عند الحاجة.
 
وأضاف أن العناصر الأساسية للمباني صفرية الطاقة تتمثل العزل الحراري الجيد للأرضيات والجدران والأسقف لتعظيم كفاءة استخدام الطاقة في المباني وكذلك استخدام الاسمنت المعزول طوب المباني العازل والنوافذ من خلال استخدام نوافذ تتكون من طبقتين او ثلاث من الألواح الزجاجية، منخفضة الإشعاع لتمرير أو حجب حرارة الشمس، مزودة بإطارات من الألمنيوم المعالج حرارياً لتقليل نقل الحرارة ومصادر توليد الطاقة المتجددة،استخدام الاجهزة عالية الكفاءة، مشيراً ان تكاليف انتاج ميجاوات ساعة من محطات جديدة تعادل حوالي 5 أضعاف التكاليف اللازمة لتوفير نفس القدرة من خلال الترشيد وتحسين كفاءة الطاقة .
 
وقال: كشفت دراسة حديثة أجريت من قبل المجلس العالمي للاقتصاد الاخضر WGECo ، برئاستى ان تحول السوق المصري خلال الـ10سنوات القادمة الي استخدام نظم اضاءه واجهزة منزلية ومحولات ومحركات كهربائية طبقا للمعايير العالمية للحد الادني لكفاءة الطاقة MEPS توفر سنويا طاقة كهربائية تتجاوز 17000 جيجاوات ساعة بقيمة لا تقل عن مليار دولار وبما يعادل انتاج 8 محطات كهرباء متوسطة الحجم وخفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 8 مليون طن بما يعادل نواتج احتراق 5 مليون سيارة.
وأكد أن تكلفة إنشاء المباني صفرية الطاقة أكبر من تكلفة إنشاء المباني التقليدية بحوالي 20% ولكن التوفير في فواتير الطاقة على المدى البعيد يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، حيث يمكن استعادة تكلفة البناء بالكامل خلال 6 سنوات من التوفير في الفواتير واذا اضيف مقدار خفض الخسائر البيئية والتكاليف الاجتماعية فان فترة الاسترداد تقل كثيرا، ويزداد الارباح والعائد علي الاستثمار مع ارتفاع أسعار الطاقة المستقبلية، كما أن كلفة المكونات الأساسية لهذه المباني الصفرية في انخفاض مستمر. وأشار الى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد حالياً التجمع الأكبر للمباني صفرية الطاقة حيث يقدر عددها بـ 6000 منزل عائلي وحوالي 8000 كمبوند سكني يضم عدّة عائلات، ومن المقدر أن يزداد هذا العدد الى أكثر من 120,000 مبني في عام 2020، ولا يقتصر الأمر على المباني السكنية فقط فإدارة مطار سان فرانسيسكو الدولي وضعت برنامجاً في عام 2017 ليكون أول مطار في العالم صفري الطاقة بحلول عام 2021. كما أن عدداً كبيراً من الدول حول العالم كالصين واليابان وهولندا وفرنسا وبريطانيا وغيرها تتجه نحو هذه المباني، ففي الصين يعد برج نهر بيرل (Pearl River Tower) من أكبر المباني صفرية الطاقة في العالم.

آخر الأخبار