المهندس عماد لاشين يكتب: مستقبل الطاقة وأثرها الاقتصادي في مصر
تزداد أهمية الطاقة المتجددة عند الحديث عن المستقبل، إذ يمثل الاستثمار فيها بعدًا اقتصاديًا وصحيًا صديقًا للبيئة ولم يعد الاستثمار في الطاقة المتجددة رفاهية، بل أصبح لابد منها اقتصاديًا والطاقة المتجددة كالشمس والرياح والمياه والطاقة الحيوية والطاقة المستخرجة من النفايات، هذه الطاقات مرشحة وحدها لسد النقص العالمي لاستهلاك الطاقة المتنامي حاليا، وإحلالهًا تدريجيًا مكان الطاقة الأحفورية لدى نضوبها، وهو ما تعمل عليه الاقتصادات العالمية وقد شهد معدل إنتاج الطاقة المتجددة تقدمًا مطردًا في الآونة الأخيرة بفضل التعاون بين القطاعين العام والخاص لتسريع عملية الانتقال إلى نظام طاقة أكثر استدامة وآمنة واقتصادية، وذلك بالتحسن التكنولوجي للطاقة المتجددة حتى تتمكن دورة حياة مصادر الطاقة المتجددة أن تنافس مصادر الطاقة الاخرى، ولاشك أن موقع مصر يمنحها امتيازاتدون غيرها، وإن التسخير المناسب لهذه الخصائص يعمل برفع القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة رفعًا هائلًا، بدءًا من توليد الطاقة من السد العالي مرورًا بالتقاطها من الرياح وانتهاء بامتصاصها من أشعة الشمس، وهذا ما جاء برؤية مصر 2030 التي تستهدف زيادة انتاجية الطاقة الشمسية من 8 إلى 16 % وطاقة الرياح من 1 الى 14 % من إجمالى إنتاج الطاقة بمصر.
الطاقة الشمسية بدأت مصر في استثمار الطاقة الشمسية منذ قرن تقريبًا، حين أنشأت أول محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم عام 1913، ثم عام 2012 قامت الحكومة بوضع خطة توليد «3500 ميجاوات»، من الطاقة الشمسية لتكون «2800»، منها من الطاقة الشمسية المركزة و700 منها من تنتج المحطة الشمسية المختلطة، وبدء تدشين مشروع بنبان بقرار رئيس الجمهورية 2014 وفي مارس 2018 وقع الاختيار لموقع محطة “بنبان”، لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية على بعد 30 كلم شمال مدينة أسوان ويضم المشروع 32 محطة بقدرة إنتاج 1465 ميغا وات، أي ما يعادل 90 بالمئة من إنتاج السد العالي، ويقام المشروع على مساحة قدرها 37 كلم مربع، ويعد الأكبر عالميًا، ويتم تنفيذ المشروع من خلال اختيار 40 مصرية وعربية وعالمية بحق انتفاع لمدة 25 عامًا، وتعتزم الحكومة إنشاء محطتين للطاقة الكهروضوئية في «الغردقة»، «وكوم أمبو»، بسعة «20 ميجاوات»، للواحدة، إذ ستخفض المحطة الواحدة الانبعاثات بمقدار «17 ألف طن»، سنويًا.
الطاقة النووية، وقعت مصر وروسيا في نوفمبر 2017 العقود الأولية لبناء 4 وحدات انتاج للطاقة النووية مشروع “الضبعة”، حتى يخدم رؤية مصر الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2030،حيث تبدء الأعمال الإنشائية لمحطة الضبعة النووية في النصف الثاني من عام 2020، وستضم المحطة 4 مفاعلات و8 محطات نووية ستتم على 8 مراحل، المرحلةالأولى تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجاوات بإجمالي قدرات 4800 ميجاوات، وتكون نسبة التصنيع المحلى تصل إلى 25% لإدخال تكنولوجيا الطاقة النووية للبلاد، وبناءكوادر مصرية في هذا المجال والتي تسعى فيها إلى زيادة الاعتماد على مصادرالطاقة المتجددة لتبلغ 44 في المئة، بحلول عام 2030، مقابل 9 في المئة الآن الحاضر ونستفيد الصناعات الجديدة من الطاقة النووية مثل صناعة الأنابيب والمواسير ذات المواصفات الخاصة.
طاقة الرياح، تتمتع مصر بمسارات رياح ممتازة وخاصة في خليج السويس، إذ يصل متوسط سرعة الرياح هناك إلى 10.5متر/ثانية على ارتفاع 50 مترًا وإلى 7.5 متر/ثانية على ارتفاع 80 مترًا على ضفتي النيل في الصحاري الشرقية والغربية وأجزاء من سيناء، وتُقدر الطاقة التي يمكن إنتاجها من الرياح في مصر بحوالي «20 ألف ميجاوات»، وهذا بالفعل قد دَشنت مصر عام 1993 «محطة رياحٍ ريادية»، في الغردقة بسعة «5 ميجاوات»، وتساعد على انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار «2800 طن»، سنويًا، ثم دشنت عام 2001 بالتعاون مع دول عديدة «محطة الزعفرانة»، وهي الأكبر إفريقيًا، إذ تضم «700 مولد» بسعة «545 ميجاوات»، وتخفض الانبعاثات بحوالي «800 ألف طن»، سنويًا وتعتزم مصر تنفيذ مشروعات مع القطاع الخاص لإنتاج «970ميجاوات»، يُنفذ منها «250 ميجاوات»، «بنظام حق الانتفاع»، وتشمل مشروعات القطاع الحكومي تنفيذ محطة في منطقة «جبل الزيت»، بسعة «200 ميجاواط»، دُشّنت عام 2015، واستكمال المرحلتين الثانية والثالثة منها مستقبلًا لإنتاج «340 ميجاوات»، أخرى، بالإضافة إلى «800 ميجاوات»، أخرى في خليج السويس.
الطاقة المائية، يمر حوالي 11 ألف متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة عبر «سد أسوان العالي»، الذي يقي مصر من الجفاف والفيضانات ويلعب دورًا في استصلاح الأراضي بالإضافة لتوليده الطاقة عند مخارج الأنفاق، إذ يتفرع كل نفق إلى فرعين على كلٍ منهما مولد، ويبلغ عدد المولدات «12 مولد» بسعة «175 ميجاوات» للواحدة وإجمالي «2100 ميجاوات»، مولدًا أعلى قيمة للطاقة النظيفة في مصر.
وتبقى الطاقة النظيفة أفضل ما يمكن أن نقدمه للعالم ولأنفسنا، لتأثيرها الإيجابي على البيئة ولفعاليتها وانخفاض أسعارها، و تحمل ضمن طياتها مستقبلًا نظيفًا للأجيال القادمة.