مفيش حد فى مصر مسمعش على مصنع الكراسى “واللى ورا مصنع الكراسى”
مصنع الكراسى هو قصة الصناعة فى مصر فى العصر الحديث.
عيلة مصرية بنت مصنع وكبر ونقل تكنولوجيا وعين آلاف الناس وخرج خارج حدود مصر وصدر وكان إسم معروف للكل.
وهُبْ فى مطلع الستينات بعد أن زار المصنع رئيس الجمهورية واعجب به قرر أن المصنع يجب أن يكون ملكا للشعب كله فقام بضمه للقائمة المصانع المؤممة وأصبح مال عام. وللأسف مع تغير الإدارة إنهار المصنع وفقدت مصر قلعة صناعية هامة.
ولأن الصناعة ناس وفكر وإصرار وليست مكن ومبانى وأرض ومال أصرت هذه العائلة الصناعية أن تبدأ من الصفر أسست مصنع جديد ودخل الجيل الثانى وعاود السير وواصل نهضة صناعية بترت فى عزها.
نظن أنه من الطبيعى أن من تربى فى هذا المناخ الصناعى وخلفه هذا التاريخ أن يدخل معترك الصناعة ويعيشها بحلوها ومرها. لكن بمراجعة الإحصائيات نجد أن الإستمرار فى الكيانات العائلية نادر الحدوث وأن تستمر للجيل الثالث شئ لا يفلت منه سوى ثلث الشركات أو أقل.
وفلت مصنع موبل الشرق بدخول الجيل الثالث وتصدره الموقف ممثلا فى المهندس أحمد حلمى. ولأنه حامل لجينات الصناعة زاد شعلة المصنع توهجا ورسم خطط للمستقبل ونفذها.
عرفت أحمد حلمى منذ حوالى عشرين عاما كنا نتقابل فى إجتماعات تنظمها كيانات المجتمع المدنى الصناعى. كانت الساحة بها إتحاد الصناعات المصرية وما كان يسمى بالمجالس السلعية وعلى جانب التجارة الإتحاد العام للغرف التجارية. وكان أغلب أعضاء هذه الكيانات فى ضعف سنى أو ثلاث أضعاف سن أحمد. فكان يغلب على الإجتماعات واللقاءات الجانب التاريخى وليس المستقبلى.
تحالفنا سويا على أن يكون هدفنا هو المستقبل المبنى على الماضى. عندما هبت رياح التغير فى أروقة وزارة الصناعة والتجارة وكلفت بإعادة تشكيل المجلس التصديرى للأثاث شكلنا ما عرف آن ذلك بأصغر مجلس سنا فكان يضم من كانوا شباب قطاع صناعة الأثاث يومها. عندما تركت هذا المنصب جاء من بعدى أحمد حلمى ليكون أصغر رئيس مجلس تصديرى عرفته مصر. مجلس شاب عينه على المستقبل حقق أعلى نسبة نمو فى الصادرات فى سنوات قليلة قافزة من أقل من خمسين مليون إلى المليار.
“ما عدوك إلا إبن كارك” كنت أسمعها مرارا فى أروقة الصناعة منذ ربع قرن فى أوساط كان متوسط الأعمار فيها فوق الستين وكنت انا نصف ذلك عمرا وعشر ذلك إدراكًا ووعيا للشأن العام. لكنى كنت واثقا أنه لن تقوم لنا قائمة إلا متعاونين. وشاركنى فى ذلك أحمد حلمى وشريف عبد الهادى وإيهاب درياس وطارق حبشى وانضم إلينا بعدها العشرات. دبت روح التعاون بيننا وإعتبرنا مصانعنا إمتداد مكملا لبعضها. أثبتنا أن إبن كارك هو أخوك إللى ممكن يشيل عنك وقت زنقة.
والزنقة دى ممكن تكون فى إجتماع عام مطلوب إن حد منا يطلع يتكلم ويشرح ويزيد ويعيد فى مشكلة تهمنا كلنا… أحمد حلمى كان شايل عنننا طواعية الحتة دى كانت له القدرة أنه يتكلم ويقول الكلام اللى لازم يتقال ومحدش عايز يقوله وكان عنده إستعداد يعيده تانى
وكان ده أحمد حلمى تصدر المشهد فى العمل العام المؤسسى وأصبح واجهة صناعة الأثاث فى مصر والمتحدث الرسمى بإسم القطاع وإمتد نشاطه فى إتحاد الصناعات ليكون ممثلا ومتحدثا بإسم الصناعة فى كثير من المحافل.
طُلِبَ أكثر من مرة ليكون وزيرا للصناعة وكان له من العقل والإدراك والحكمة أن رفض رغم ما كان يمارس عليه من ضغوط عشناها معا. كانت قناعته أن فى هذه المرحلة يستطيع أن يخدم الصناعة المصرية من خلال مصنعة وخلقه لفرص العمل اكثر من أن يخدم البلد من خلف مكتب الوزارة.
وحسنا فعل
كما كانت لأحمد إسهامات على المستوى الصناعى فكانت له جوانب إنسانيه وآدمية منها ما هو كان ظاهرا للكافة من رعايته لمبادرات إنسانية يشارك فيها فئات مهمشة إجتماعيا بشكل رفيع المستوى وحس إنسانى مرهف كمبادرة التعامل مع التوحد والتى نالت إستحسان محلى ودولى. ولم تتوقف إنسانيته عما كان فى العلن ويكفى القول أنه كان له قلب ينبض وصدر يتسع.
من الصعب الحديث عن أحمد حلمى الذى كان حاضرا ومستقبلا بفعل ماضى لقد سرق القدر منا أفعال المستقبل.
لكن المستقبل آت بلا محالة وعجلة الزمان تدور والزمن وإن تلعثم فلابد وأن ينطلق. أغلى ما أهدانا أحمد هم ملك وإبراهيم وليلى وياسين الجيل الرابع لمصنع الكراسى الذى لن نسمح أن تنطفئ شعلته لأن قصة مصنع الكراسى هى قصة مصر.