تحل اليوم ذكرى ميلاد طلعت باشا حرب الذي وصفه الكاتب والمفكر الأمريكي “إيريك ديفيز” بـ”أبو الاقتصاد المصري”، ولما لا وهو أول من أسس كيانات اقتصادية وطنية استطاعت أن تحرر مصر اقتصاديًا من التبعية للقوى الاستعمارية، حيث ظلت كلماته خالدة “استقلال مصر في استقلال الاقتصاد”.
مسيرة حافلة
وبمناسبة ذكرى ميلاده نستعرض مسيرة محمد طلعت حرب الذي ولد في 25 نوفمبر 1867 بمحافظة القاهرة وفي عام 1889 تخرج من مدرسة الحقوق ليعمل بعد تخرجه مترجمًا بالقسم القضائي وأصبح رئيسًا لإدارة المحاسبات ثم مديرًا لمكتب المنازعات حتى أصبح مديرًا لقلم القضايا.
الشركة العقارية
انتقل طلعت حرب في عام 1905 ليعمل مديرًا للمركز الرئيسي لشركة كوم إمبو بالقاهرة، وعمل مديرًا للشركة العقارية المصرية والتي خطط لتمصيرها حتي أصبحت غالبية أسهمها للمصريين.
إنشاء أول مطبعة مصرية
يشار إلى أن طلعت حرب قام بتأسيس مشاريع قومية أخرى هامة منها: أول مطبعة مصرية برأس مال قدره 5 آلاف جنيه، وإنشاء شركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، كما ساهم في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما.
شركة مصر للطيران
وفي عام 1927 أنشأ شركات مصر للنقل والملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيمياويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لتنافس الشركات الأجنبية بنزايون – صيدناوي وغيرهم.
أفكار اقتصادية
في عام 1910 تبلورت أفكار طلعت حرب الاقتصادية وبدأت في الظهور حين قاوم مشروع مد امتياز قناة السويس وعارض المشروع الذي طرحته وزارة بطرس غالي بمد امتياز قناة السويس 50 عامًا وهو المشروع الذي رفضته الجمعية التشريعية بفضل حالة التنوير التى أشاعها مفكرون كان أبرزهم طلعت حرب.
أول كيان اقتصادي
دور طلعت حرب كان رائدًا في تأسيس أول كيان اقتصادي مصري وعربي عابر للقارات وهو بنك مصر الذي ارتبط اسميهما معًا ارتباطًا شديدًا لا يمكن الفصل بينهما، مما شكل ظاهرة اقتصادية في تاريخ مصر الحديث، حيث مثل بنك مصر إنطلاقة اقتصادية مهمة تعددت ثمارها وتمثلت في ميلاد كيانات شركات ومؤسسات أخرى في كافة المجالات الصناعية والفنية.
بنك وطني
فكرة إنشاء بنك وطني كانت فكرة قديمة تعود جذورها إلى الوالي محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة والذي أمر بإنشاء بنك وطني برأسمال قدره 700 ألف ريال، لكن مشروع البنك انهار كسائر مشروعات الوالي حين أصابه المرض، وعادت من جديد فكرة إنشاء البنك حين دعا إليها مقال بجريدة التجارة في إبريل 1879 كتبه أمين شميل واستجاب للمقال عدد من الأعيان ولكن الخلافات مع الخديوي اسماعيل قضت على الفكرة من جديد، وفي 1908 عادت الفكرة إلى الظهور على يد عمر لطفي وكيل كلية الحقوق وكان مدخله نظام التعاون والتسليف في ألمانيا وإيطاليا؛ لكن الفكرة عانت من الخلاف بين التيارات التقدمية والرجعية، ولم تنجح الفكرة مجددًا.
لجنة المؤتمر
التقط طلعت حرب طرف الخيط وطرح الفكرة في بعض خطبه، وعقب انعقاد المؤتمر المصري الأول في 29 أبريل عام 1911 انتهز اجتماع أعيان البلاد وكبرائها وعرضت لجنة المؤتمر فكرة إنشاء بنك مصري وقرر “المؤتمر” بالإجماع وجوب إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية، وعليه تقرر اختيار طلعت حرب للسفر إلى أوروبا لدراسة فكرة إنشاء البنك بعد عمل دراسة كافية عن المصارف الوطنية وأسلوب عملها.
بنك مصر
طلعت حرب أقنع 126 مصريًا بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ ما اكتتبوا به 80 ألف جنيه، تمثل 20 ألف سهم، بقيمة 4 جنيهات للسهم الواحد، وفي إبريل 1920 نشرت الجريدة الرسمية مرسوم تأسيس بنك مصر كشركة مساهمة مصرية، مما جعل طلعت باشا حرب الذي رحل عن عالمنا في 1941 يستحق لقب “أبو الاقتصاد المصري”.