الدكتورة أميرة سلامة تكتب : الإصلاح المؤسسي والحوكمة ركائز التنمية الشاملة
في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يشهدها العالم والتي تأثرت بها معظم الاقتصاديات الناشئة ومن بينها بطبيعة الحال مصر تظهر الأهمية البالغة لعملية الإصلاح المؤسسي وتطبيق الحوكمة فعلى الرغم من أنها عملية معقدة تتطلب الكثير من الوقت والموارد إلا أنها الطريق الصحيح لتحقيق إصلاح شامل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ولذلك فإنه من الضروري أن نعمل كمجتمع أعمال وحكومة على صياغة رؤية استراتيجية موحدة للإصلاح المؤسسي وتحقيق التعاون والتناسق بين مجالات الإصلاح .
من المعروف أن الإصلاح المؤسسي وحوكمة مؤسسات الدولة يمثلان معًا ركائز أساسية لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة وأن هذا الاتجاه يعمل علي تعزيز الأداء الاقتصادي وتحقيق النمو فمن المؤكد أن وجود المؤسسات لا يضمن وحدة تحقيق التنمية بل يجب أن تتسم هذه المؤسسات بالكفاءة والفاعلية في ظل وجود إطار كلي حاكم وهياكل فاعلة لإعلاء منهج الحوكمة والإدارة الرشيدة لتلك المؤسسات وكذلك تكافؤ الفرص من خلال إنشاء مؤسسات فعالة وشفافة لتحقيق العدالة والحد من الفساد.
بالفعل الحكومة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا بقضية الحوكمة والإصلاح المؤسسي ووضح ذلك في الأهداف الرئيسية الاستراتيجية للتنمية المستدامة في رؤية مصر ٢٠٣٠ وأرى أن الطريق للوصول إلى هذا الهدف يأتي من خلال تشريعات جديدة وتعديل التشريعات القائمة لدعم عملية الإصلاح المؤسسي والتأكيد على قيم النزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد والمشاركة والمسؤولية المجتمعية.
لقد أعطت الحكومة المصرية الأولوية لتطوير الجهاز الإداري وضمان فعاليته مع إنشاء آليات جديدة للمتابعة والتقييم وكل ذلك يأتي في إطار دعم الإصلاح الإداري والمؤسسي وتعزيز قدرة وتحسين حوكمة الشركات المملوكة للدولة كأحد أهم الركائز الداعمة للبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية التي تبنته مصر في إطار برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأته الدولة منذ 2016.
وأؤكد أن التحول الرقمي الذي شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد أزمة كورونا يرسخ أهمية الحوكمة الرقمية وجاء تقرير البنك الدولي عن حالة الإقتصاد في مصر فيما يتعلق بهذه الجزئية موضحًا أهمية الاستفادة من عملية التحول الرقمي في الحوكمة وأنه لكي تستطيع مصر أن تبلغ كامل إمكانياتها لابد من استكمال عملية الرقمنة بإصلاحات من شأنها تبسيط الإجراءات الحكومية وترشيدها واعتماد نهج الحوكمة بأكمله في التحول الرقمي وتعزيز البنية التحتية الرقمية في مختلف أنحاء البلاد من أجل توفير الخدمات الحكومية الرقمية الأساسية بلا انقطاع والاستفادة الشاملة من الخدمات الرقمية الحكومية وضمان تبنيها على نطاق واسع وأهمية تعزيز ركائز الإقتصاد الرقمي من خلال توفير خدمات إنترنت عالية الجودة ورفع مستوى المهارات الرقمية وتحفيز استخدام الخدمات المالية الرقمية والتأكد من وجود إطار قانوني وتنظيمي ملائم.
وأرى أن تسريع وتيرة التحول الرقمي أمر بالغ الأهمية في سبيل تحقيق أهدافنا نحو تحقيق نمو اقتصادي كبير وزيادة الإنتاج والتصدير وتعزيز تنمية رأس المال البشري وجودة الحياة وأن هناك فرصة للاستفادة من التطورات التي حققتها مصر فيما يتعلق بالتحول الرقمي من أجل تحسين مؤشرات الحكومة الرئيسية مثل كفاءة المؤسسات العامة وهي أولوية رئيسية ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية .
بالفعل بلغنا مستوى متقدم في الرقمنة الحكومية من خلال توفير الخدمات الحكومية عبر الإنترنت للأفراد والمؤسسات و استخدام النظام الوطني لبطاقات الهوية الرقمية بالإضافة إلى خدمات مصلحة الأحوال المدنية و خدمات الشهر العقاري وكلها مشاريع وطنية تحقق كفاءة عالية في الخدمات و تقلل من تكاليف التشغيل الحكومية وتساعد في بناء قاعدة بيانات مركزية للمواطنين أكثر دقة وتقليل البصمة الكربونية للأنشطة الحكومية من خلال تقليل الأعمال الورقية وطباعة الورق وتنقلات المواطنين الباحثين عن الخدمات ذات الصلة.
وإجمالًا أؤكد أن تعميم الخدمات الحكومية الرقمية الشاملة المتكاملة يؤدي إلى رفع كفاءة القطاع العام وتحسين الخدمات العامة وبالتالي فإن إتباع نهج الحوكمة اعتمادًا على التحول الرقمي يمكن أن يساعد مصر في تحسين تأثير جهود عملية الرقمنة وتدعيم مساهمتها في الوصول إلى اقتصاد قوي يتمتع بالشفافية ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة المجتمعية