مصطفي عبيد يكتب: التعليم الفني و الصناعة
ماذا يقدم التعليم الصناعي للصناعة ؟
هذا الموضوع الهام والذي يعتبر في الوقت الحالي جزء لا يتجزأ عن منظومة النهوض بالاستثمارات الصناعية التي تتدفق علينا مؤخرا والتي تتزايد تدريجيا بشكل كبير لا يتناسب كليا مع العجز الكبير في توافر العامل الفني .
التعليم الفني أو الصناعي بدأ في مصر في فترة الاحتلال الإنجليزي وبرنامج التعليم كان يوضع بمعرفة الإنجليز- والورش كلها نظام إنجليزي وكان خريج هذه المدارس على دراية علمية عالية ومازالت هذه المدارس موجودة .
وكان الطالب في المدرسة الصناعية يدرس لغة إنجليزية و فنية مثل الطالب في المدارس البريطانية .
وفي فترة الرئيس جمال عبد الناصر اهتم بشكل خاص بالتعليم الصناعي لتنفيذ خطة مصر الطموحة في عمل صناعات جديدة و بدأ افتتاح اول مصنع انتاج حربي في 1954 وتوالت مصانع اخرى … ثم الحديد والصلب – كيما – مصانع الأجهزة المنزلية – الخ .
وتطور التعليم الصناعي في فترة نهاية الخمسينات وحتى السبعينات و بعدها أهمل التعليم الصناعي وأصبحت نظرة المجتمع لخريجي هذه المدارس نظرة الانسان الفاشل أو الأقل نوعية في المجتمع وساءت حالة التعليم الصناعي بشكل عام وأصبح الخريجون يفضلون أن يعملوا في مهن مربحة بعيدة عن الصناعة مثل التوكتوك الذي يدر عليهم ربحا كبيرا .
قطاع التعليم الصناعي التابع لوزارة التربية والتعليم يكلف ميزانية الدولة عدة مليارات سنويا والناتج صفر .. في الفترة من 1980 حتى عام 2000 تم شراء الاف الماكينات والمعدات المختلفة لورش المدارس وكان تمويل هذه المعدات من البنك الدولي – البنك الافريقي – الاتحاد الأوروبي و كثير من هذه التمويلات كانت منح لاترد .
هذه الآلات ومنها ماكينات حديثة CNC تم توزيعها على المدارس الصناعية بجميع المحافظات.
السؤال كيف استفادت مصر من هذه المعدات الموجودة في ورش المدارس الصناعية ” ديكور ” وليس اكثر وقدرات هائلة عاطلة.
هذه الحالة تتطلب تدخل من القيادة السياسية وعمل خطة للاستفادة من هذه المعدات في الإنتاج بحيث تكون في كل مدرسة وحدة إنتاجية تشارك في الاقتصاد وتشارك في تخفيض العبء على ميزانية الدولة.
وتقدم منتجات لمحدودي الدخل و تطرح في الاسواق باسعار اقتصادية وفي نفس الوقت الطالب يستفيد من التدريب على هذه المعدات تدريبا فعليا تحت إشراف مدربين أومدرسين أوفنيين و يمكن أن يستفيد الطالب المشارك في الانتاج في حصوله على مكافأة انتاج شهريا لتخفيض أعباءه عن أسرته.
أما التعليم النظري لابد من عمل اتفاق مع احد الدول المتقدمة في التعليم الصناعي وتنفيذ برنامج مماثل وترجمة المواد الي اللغة العربية وايضا عدد من الخبراء في التعليم الصناعي لتأكيد تطبيق الدراسة النظرية والعملية.
تخريج طالب من التعليم الصناعي سيكون أحد عوامل منظومة التطور الصناعي القادم وبعد الاكتفاء يمكن تصدير هذه العمالة الفنية الي دول اخري للحصول علي دخل بالعملة الأجنبية و يشارك في الاقتصاد الوطني.