عندما عرفت أن المركز الإعلامي العربي أصدر كتابًا بعنوان (محطات في حياة رجل الصناعة نادر رياض) كان السؤال الذي يطاردني كيف أقنعوا الرجل الزاهد عن الفخر أن يروي ذكريات حياته المنسوجة بالفخر؟ كيف سمح لهم أن يفتحوا صندوقه الناصع البياض ليعرض كنوز أفكاره وتجاربه التي اختزنها على مدى أكثر من نصف قرن؟ ماذا سيقول هذا الرجل الذي يتجنب دائمًا الحديث عن نفسه ويفضل الحديث عن الوطن؟.
عرفت الدكتور نادر رياض منذ سنوات بعيدة رجل صناعة من الطراز الأول محبًا للثقافة والفنون ويتمسك بسكون العلماء ويتحدث بلغة الحكماء ويتواضع بثقة العظماء.. .يحرص على الإحتفال مع المسلمين بأعيادهم بنفس قدر حرصه على الإحتفال مع الأقباط بأعيادهم ولكن اليوم الأكبر عنده هو 6 أكتوبر، وهو رجل الأعمال الوحيد الذي لا يزال يحتفل بهذه المناسبة كل عام عشقًا للوطن وتقديرًا للنصر الذي يراه الأعظم في تاريخ مصر الحديث.
منذ الفصل الأول للكتاب تدرك أن نادر رياض لا يتحدث عن إنجازاته وإنما يقدم لنا الدروس التي تعلمها من تجاربه نجاحًا وفشلًا وينسب الفضل في معظم المواقف إلى آخرين رغم أنه صاحب الفضل الأول.
أهم فصل في الكتاب من وجهة نظري هو رحلته من شاب متدرب في مصنع شركة بافاريا في ألمانيا وصولًا إلى أن يصبح مالكًا للشركة العملاقة وهي تجربة ثرية جدًا ونادرة الحدوث إلا مع نادر.
وفي ثلاثة فصول متتالية يروي نادر رياض تجربته في مجال الخدمة العامة وفي خدمة العلم وفي خدمة الصناعة ويسرد في الفصول الثلاثة إنجازات عظيمة تحققت في جميع المجالات ولكنه يحرص على أن ينسب الفضل للأخرين في تواضع ليس غريبًا عنه.
اللافت أن نادر رياض لم يخصص فصلًا عن دوره في خدمة المجتمع رغم معلوماتي المؤكدة أنه أحد أبرز رواد المسؤولية الاجتماعية وأعمال الخير وكنت أتمنى أن يذكرها ليس من باب التباهي فهو أبعد الناس عن ذلك ولكن بهدف أن يتعلم الآخرون كيف يردون الجميل إلى المجتمع وكيف يحولون عشق الوطن إلى أفعال ويكفي أن أذكر مثلًا واحدًا أنه في عام 2012 عندما علم ان مكتبة إسلامية نادرة معروضة للبيع قدم إلى شيخ الأزهر شيكًا بمبلغ 100 ألف جنيه للحفاظ علي المكتبة.
أطرف ما رواه نادر رياض في الكتاب أنه عندما كان صبيًا اشتري مطواة أعجبته واكتشف أن منقوش عليها عبارة (الله اكبر)، حاول أن يمسحها باعتبارها عبارة إسلامية ولكن والده سأله أليس الله أكبر؟ قال نعم رد عليه لماذا تمسحها؟
درس بالغ الأهمية تعلمه الصبي من والده القدوة والمثل الاعلي ليصبح نادر رياض واحدًا من أصدق وأنقى الشخصيات وأظن أنه نقل كل هذه الدروس إلى أبنه الخلوق أمير
الله اكبر على الصديق الرائع نادر رياض