الدكتور محمد مصطفى القاضي يكتب: رسالة للسيد مدير إدارة زراعة الإعلانات

السيد مدير إدارة زراعة الإعلانات
تحية طيبه وبعد،،

هالني وأفزعني اليوم أثناء مروري بجوار  بمنطقة مسار مونوريل غرب النيل السادس من أكتوبر مشهد أعمدة المونوريل حيث تمت زراعة أغلب الأعمدة الحاملة لكمرات المونوريل بإعلانات ذات ألوان براقة ومبهرة تسر الناظرين وتسلي السائقين أثناء انتظارهم في زحام إمتداد المحور وهو شيء لو تعلمون عظيم، وأرجو من سيادتكم أن يتسع صدركم للنقد من مخلص حقيقي لا يستطيع أن يصمت أمام شبهة إهدار للمال العام حيث لم يتم استغلال المناطق التي تقع بين الأعمدة في زرع لوحات إعلانية موازية للطريق (وش وضهر) وهو ما كان سيدر دخلاً مضاعفًا حرفيًا بالمقارنة بزراعة إعلانات الأعمدة فقط علمًا بانه يصل طول خط المونوريل إلى ٩٨.٥ كم مما أضاع على الدولة مئات الملايين، ونرجو من سيادتكم الاستعانة بخبراء اقتصاديين للعمل علي زيادة العوائد من الشوارع وربما نخرج بأفكار جديده مثل زراعة أعمدة الإنارة بالإعلانات الضخمة أو طباعة لافتات وأقمشة يتم شدها في المسافات بين أعمدة الانارة.

انتهى هذا الفاصل الكوميدي الحزين الذي أكاد أجزم أنه دارت هذه النقاشات والاجتماعات لبحث دراسة تحقيق أقصى عائد مادي من أعمدة المونوريل ونتج عنها ما لم يكن يدور في خاطر أي معماري أو مخطط عمراني أو مهتم بالعمران عبر التاريخ أن يصل مستوي البيئة المشيدة في القاهرة إلى هذا المستوي، إن العالم يتجه بشدة إلى أنسنة المدن واستدامتها والاتجاه لخفض درجات حرارة الشوارع والقضاء على ظاهرة Heat island effect وتشجيع حركة المشاة وتقليل استخدام السيارات، بينما نتجه نحن بعنف إلى العكس.

وكم من الجرائم تم ارتكابها بإسم تحقيق الربح، أما إذا كان الهدف هو الربح وجني الأموال فدعونا نحدد المبلغ المراد تحقيقه من عائد استغلال المونوريل ونحوله إلى هدف يطرح على خبراء العمران والتخطيط والعمارة وخبراء التمويل والاقتصاد ونستمع لأفكارهم لمدة ساعة واحدة فقط، أو يمكن طرح هذا الموضوع في مسابقة عالمية لأفكار استغلال المونوريل في تغيير الهوية البصرية لمدينة القاهرة مع تحقيق عائد مالي مُستدام، أما إذا كان وقت السادة المسئولين لا يسمح فاقترح عليهم تقسيم النطاقات بين المحطات وطرحها على المطورين العقاريين العاملين في المنطقة لزراعتها والاعتناء بها وخلق طابع خاص لها من الزراعات المتميزة واللاند سكيب المميز مقابل إطلاق اسم المطور على هذا النطاق وهذا غير طرح أسماء المحطات على المُعلنين فيمكننا تحقيق أرباح وإضافة حوالي فدان ١٤٠ فدان من الزراعات التي تشكل رئة جديدة مضافة للقاهرة الكبرى تعيد تشكيل الهوية البصرية للعاصمة.

السيد الفاضل الدكتور مصطفي مدبولي، نلمس جميعًا مجهود سيادتكم وجميع أجهزة الدولة في تطوير القاهرة ولكننا نلاحظ عدم وجود رؤية متكاملة للهوية العمرانية والحضرية للقاهرة وأحيانًا قد يغيب عن بعض القرارات مقداراً من الدراسة والتروي.

دولة رئيس الوزراء وأنت قادم من خلفية عمرانية متخصصة هل أرجو من سيادتكم وأنت من سكان غرب القاهرة أن تزيح ستارة سيارة سيادتكم قليلًا أثناء مرورها في طريق إمتداد المحور حتى تري الفوضى العمرانية والبصرية بين محلات متراصة يميناً ويساراً حول الطريق بدون أي تنسيق أو تصميم أو مراعاة لأي معايير عمرانية أو معمارية او حتي معايير انتظار سيارات وبين إعلانات تهجم على الطريق حتي منتصف عرض الطريق وبين إعلانات أسفل اعمدة المونوريل وتقول لنا رأيك في هذا النسق وهل رأيته في أي مكان في العالم، هل يوجد سابقة في الكتب أو في المناهج الدراسية أو الجامعات والكليات المتخصصة تصف ما يحدث وصفًا دقيقًا، سيادتك تعلم جيدًا أن التصميم العمراني يمكن أن يرفع القيمة الاقتصادية للمكان إذا ما تم التخطيط والتنسيق المسبق بواسطة متخصصين على مستوى عال.

إن تحقيق الأرباح هو هدف سامي ولكن هل نطمع ونطمح في تحقيق بعض الأهداف الأخرى التي قد تساهم في رفع مستوي جودة حياة المواطن وأيضًا تعظيم قيمة العوائد المالية، فالجمال لا يكلف أموالًا، إن الاختيارات الصحيحة والمناسبة قد تكلف فقط مجهودًا في التفكير.

آخر الأخبار