الدكتور عبد الرحمن طه يكتب: التعلم في عصر الذكاء الاصطناعي

لاشك أن التطور التكنولوجي الفائق التي حدث من انطلاق الثورة الصناعية الرابعة بشكل تحضيري عام ٢٠١٠ وبشكل رسمي ٢٠١٦ في منتدى دافوس العالمي بقيادة كلاوس شواب رئيس المنتدى وما صاحبه من ظهور بنية تشريعية رقمية مثل وثيقة اخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي اطلقتها اليونيسكو في نوفمبر ٢٠٢١ والمعتمدة من ١٩٣ من الدول الاعضاء وقانون الرقائق والعلوم الامريكي الصادر عام ٢٠٢٢ و قانون الأسواق الرقمية (DMA) الصادر من الاتحاد الأوروبي والذي دخل حيز التنفيذ في 6 مارس 2024 وقيام الصين بنشر أولى إرشادات حوكمة لاستخدام الربوتات البشرية، كلها أمور تجعل من دور الذكاء الاصطناعي والروبوتات في حياتنا الاقتصادية الرقمية أمرا واقعا لا مفر منه تجعل الجميع يسأل عن روشتة عاجلة لمواكبة هذا التطور لتفادي الاثار السلبية على متطلبات التشغيل وسوق العمل سواء على الأجيال القادمة او الجيل الذي يعيش عصر التحول من الثورة الصناعية الثالثة “الانترنت”، لعصر الثورة الصناعية الرابعة “الذكاء الاصطناعي” ونحن نناقش الجهود الفردية والتي لا تغني عن جهود الدولة المتمثلة في الدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة التحول التعليمي نحو الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، فالجهود الشخصية المبذولة هامة للغاية نظرا لطبيعة التطور اللحظي المستمر لتلك التكنولوجيا، فبداية من سن ٤ سنوات يبدأ المشروع الخاص بطفلك بضرورة تعليمه اساسيات البرمجة والروبوتات والفيزياء الكمية وهندسة الطيران وهو أمر يفعله صناع الأسواق الرقمية مثل مارك زوكربرج لاطفاله وكذلك كتاب تعليم النشء في الولايات المتحدة الأمريكية حتى يبلغ سن الـ ٦ سنوات ويخوض منافسات البرمجة “الاسكراتش” والروبوتات “ليجو روبوت التعليمي” التي تطلقها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ، وما أن يصل إلى سن الـ ٨ سنوات يمكنه تعلم لغة البايثون وال c++ ، وإذا بلغ سن الـ ١٢ عاما يتعلم تحليل البيانات وعلم الذكاء الاصطناعي وما به من علوم “تعلم الالة” و”التعلم العميق”.

وماسبق من تأسيس يجعله قادرا على اختيار مسار الذكاء الاصطناعي الموجود في النظام التعليمي المصري الجدي . إلا أنه يصادف مفاجأة لمن تجاوز سن التأسيس الرقمي ويمكن له حل تلك المسألة بتلقي ما سبق من ذكر للعلوم دفعة واحدة حتى يصبح مواكبا للتطورات التقنية التي تحدث في العلوم المتلقاة في الجامعات.

إلا أن هناك من تعلم وتخرج من الجامعة وأصبح لزاما عليه مواكبة متطلبات سوق العمل المشمول باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي هنا يمكن أن نقول إن متطلبات السيرة الذاتية قد تغير من الكورسات والدورات المهنية المتخصصة وعدد اللغات المتحدث بها وإجادتها تحدثا وكتابة والساعات التدريبية إلى ضرورة شمول السيرة الذاتية بكورسات ومشاريع تتعلق باستخدام الباثون وتحليل البيانات بالإكسل و التابلوه واستخدام الذكاء الاصطناعي بواسطة الشات بوت مثل نموذج chat GPT وما به من تطورات، فسمة عصر العلم الحالي هي أن تعمل بذكاء لإنتاج اكبر وأسرع وأقل كلفة ومن هنا تأتي ضرورة تطوير الذات والتعلم الذاتي حال عدم توافر القدرة المالية للخريجين والموظف الحالي.

على أية حال فقد ذكرت مؤسسة ماكينزي العالمية في تقرير لها صادر عام ٢٠١٩ عن مستقبل الوظائف أن هناك تغيرا كبيرا وشاملا في اختفاء وظهور في الوظائف والمهن وهو ما سبق أن ذكره كلاوس شواب في كتابه الفريد عن الثورة الصناعية الرابعة واللذان اتفقا سويا على أن السبيل الوحيد لمواكبة الذكاء الاصطناعي هو أن تطور إبداعك فكلما كنت مبدعا كلما كنت قادرا على مواكبة سوق العمل ومحافظا على وظيفتك.

وهنا يمكن لنا الربط بين وثائق الذكاء الاصطناعي و الروبوتات وبين غياب الوثائق الحقوقية الدولية لضرورة التعلم، ودعونا لا ننجرف ناحية نظرية المؤامرة من قيام الدول والشركات الرائدة في هذا المجال، فالمؤامرة تستدعي مع غياب الاهتمام بحقوقية التعلم الذكي والرغبة في تسويق منتجات الذكاء الاصطناعي و الروبوتات وجود منع من التعلم وهو إلى الآن غير موجود في جميع أنحاء العالم لذا كان لزاما علينا التنويه والتنبيه أن دور الدولة في توفير تعلم ذكي وهو ما تقوم به بالفعل ودور الفرد في مواكبة هذا التعليم أمر هام لا مفر منه فالأمر يستدعي تضافر كافة الجهود لمواكبة التطورات الأقتصادية التكنولوجية من خلال التعلم التقني المستمر.. وفي النهاية يجب القول إن لحظة البدء هي الآن فليس هناك مجال للتأجيل والتسويف في ظل تطور لحظي عالمي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات..

آخر الأخبار