الدكتور وليد فؤاد أبوبطة يكتب: التنمية الزراعية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي

عزيزى القاريء إن الزيادة السكانية المضطردة على مستوى العالم والمتوقع أن تصل إلى 9  مليار بحلول 2050 طبقا للأمم المتحدة، وفى ظل  محدودية الموارد الطبيعية المتاحة لإنتاج المتطلبات الغذائية واليومية للسكان ومع تغير انماط الإستهلاك والنظم الغذائية, اصبحت هناك مخاطر تهدد القدرة على توفير الأمن الغذائى للسكان خاصة فى الدول النامية, والمناطق الجافة وشبه الجافة كمنطقة الصحراء الكبرى فى افريقيا.

الرغم من أن جميع اهداف التنمية المستدامة تؤثر بشدة على تحقيق التنمية الزراعية المستدامة من اجل ضمان اكبر قدر ممكن من الأمن الغذائى والتغذية الصحية, وفى المقابل تساهم التنمية الزراعية المستدامة فى تنفيذ اهداف التنمية المستدامة.

الإ أن ” القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائى وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة” هو الهدف الثانى من اهداف إستراتيجية التنمية المستدامة, والتى تعمل الحكومات والهيئات الدولية على تحقيقيها خلال المرحلة القادمة.

ومن المعروف ان التنمية الزراعية وتحقيق قدر معقول من الأمن الغذائى يساعد على تعزيز نمو الاقتصاد الوطنى، حيث تضطلع التنمية الزراعية المستدامة بدور رئيسى فى تحقيق اكبر قدر ممكن من الأمن الغذائى, من خلال زيادة كمية الاغذية بأنواعها المختلفة, وبوصفها المحرك الأساسى للتحول الإقتصادى فى الدول النامية, حيث تمثل الزراعة مصدر الدخل الرئيسى لأغلبية السكان.

وتعتبر التنمية الزراعية المستدامة امرا شديد الأهمية ولها ادوارا مختلفة فى تحقيق الأمن الغذائى ومنها:

  1. إنتاج كمية اكبر من المواد الغذائية.
  2. تعزيز الاقتصاد والميزان التجارى وتحويله لايجابى من خلال تقليل الاستيراد.
  3. توفير مصدردخل مناسب للعديد من الاسر فى الدول الاشد فقرا .
  4. تحسين الحالة الصحية للسكان من خلال توفير القدر الكافى من الغذاء.

ما هى التنمية الزراعية المستدامة؟

تعرف منظمة الاغذية والزراعة بالامم المتحدة التنمية الزراعية المستدامة بانها” التنمية الزراعية التى تساهم فى زيادة كفاءة استخدام الموارد, وتعزيز القدرة على مواجهة التغيرات وتحقيق العدالة الاجتماعية فى القطاع الزراعى والنظم الغذائية بهدف ضمان الامن الغذائى والتغذية للجميع فى الحاضر والمستقبل”.

تهدف التنمية الزراعية المستدامة الى امداد سكان العالم بالاغذية المطلوبة باستمرار, وضرورة تحقيق الامن الغذائى وتوفير التغذية السليمة للجميع.

وبالطبع تشمل التنمية الزراعية المستدامة قطاع الثروة الحيوانية والذى يعتبر محورا مهما فى تحقيقها, حيث يمثل ثلث الناتج الزراعى عالميا, ويساهم بصورة فعالة فى تنمية النظم الغذائية, الا انه يتاثر بمدى توفر الاعلاف الحيوانية, ومدى فعالية سلاسل الامداد فى توفير احتياجات المربين, وتكثيف الانتاج وتقليل المدخلات وتعظيم المخرجات لزيادة ربحية مربى الماشية, حيث تعتبر الماشية اكبر مستخدم للموارد الطبيعية, كما ترتبط بقطاع انتاج المحاصيل العلفية, كما تستخدم مخلفاتها فى تسميد التربة مما يحسن انتاجيتها.

وهناك قضايا مهمة سيتم معالجتها من خلال تطبيق التنمية الزراعية المستدامة من اجل توفير الامن الغذائى, ولكن تختلف طرق التعامل معها طبقا لظروف كل بلد على حدة نتيجة اختلاف نظم الزراعة وحجم الحيازات, والانظمة الرعوية, ونظم التربية المكثفة للماشية, حيث تختلف التحديات التى تواجه تطبيق الزراعة المستدامة سواءا فى القطاع النباتى او القطاع الحيوانى.

كيفية تحقيق الامن الغذائى؟

عزيزى القارىء لا يعتمد الامن الغذائى على توفر الاغذية عالميا وحسب, وانما على القدرة على الحصول عليها وتوفيرها بصورة مستمرة, ولعل ما حدث خلال ازمة كورونا خير مثال على عدم تحقق الامن الغذائى للجميع لمجرد توفر كميات مناسبة من الغذاء فى اماكن الانتاج.

لذا فان تحقيق الامن الغذائى يتطلب القدرة على الحصول على الاغذية باستمرار, والنفاذ للاسواق وتوفير الخدمات, من خلال سلاسل الامداد للمواد الغذائية والمستلزمات الزراعية.

كما ان التغيرات المناخية تؤثر سلبا على استمرارية انتاج الغذاء وبالتالى استقرار الامن الغذائى , كما تهدد النزاعات بين الدول سلاسل الامداد بالمواد الغذائية كما شهدنا فى حالة الحرب الروسية الاوكرانية.

وهناك اثار صحية خطيرة على صحة الانسان مرتبطة بتوفير الاغذية خاصة الحيوانية منها, حيث نجد فى بعض الاحيان وفرة فى نوعية معينة من الاغذية مما يسبب افراط شديد فى استهلاكها كاللحوم على سبيل المثال , فى حين نجد مجتمعات كثيرة تعانى من عدم توفر الاغذية الحيوانية او عدم استطاعتها شراء احتياجاتها منها نظرا للظروف الاقتصادية المتدنية.

اتجاهات التنمية الزراعية المستدامة:

ان تحقيق الامن الغذائى لسكان العالم فى 2050 يتطلب زيادة الانتاج الاغذية بنسبة 60% على الاقل من اجمالى الانتاج فى العقد الاول من القرن الحالى, ويمكن تحقيق ذلك من خلال

زيادة انتاجية المحاصيل المختلفة

التكثيف الزراعى من خلال رفع كفاءة انتاجية وحدة الماء والتربة الزراعية.

التوسع الافقى فى استزراع الاراضى الصالحة للزراعة باى صورة من خلال استخدام المحاصيل المناسبة لظروف التربة والمناخ.

أهم التحديات التى تواجه التنمية الزراعية المستدامة:

الحيازات الصغيرة

كفاءة استغلال الموارد الطبيعية

التباين فى انتاجية المحاصيل

النظم الرعوية

تدهور المراعى الطبيعية

التغيرات المناخية

تحديات الانتاج الحيوانى المكثف

عزيزى القارىء سنتناول فى المقالات القادمة بامر الله الجوانب المختلفة للتنمية الزراعية المستدامة واهميتها فى النهوض بالاقتصادالوطنى وما هى العوامل التى تساعد على نجاحها واستعراض اهم التحديات التى تواجه  استدامة التنمية الزراعية.

الى اللقاء فى المقال القادم

الدكتور وليد فؤاد ابوبطة، عضو مجلس ادارة الاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- مجلس الوحدة الاقتصادية- جامعة الدول العربية

الرابط المختصر
آخر الأخبار