محمد خطاب يكتب: التطوير العمراني والصحة النفسية

والبداية هي توضيح الفارق بين التطوير العمراني والتطوير العقاري
قد يخلط البعض بين المصطلحان ولكن الفارق كبير في المعنى والتطبيق
التطوير العمراني: هو عملية تخطيط وتطوير المدن والمناطق المستهدفة حضريًا وتشمل البنية التحتية العامة والمناطق السكنية والمساحات الخضراء ومناطق الخدمات والمناطق الترفيهية وذلك بهدف تكوين حياة صحية ومستدامة في المدن والمناطق الحضرية.
التطوير العقاري
التطوير العقاري: وهو تخطيط وبناء وتطوير المباني والمنشآت والمشروعات لكافة الاغراض السكنية والتجارية والصناعية والترفيهية وادارتها.
ومما لا شك فيه أن التطوير العمراني يلعب دورًا حيويًا وله عظيم الاثر في تشكيل البيئة التي يعيش فيها الإنسان، ويمتد هذا الأثر إلى كافة جوانب الحياة، بما في ذلك الصحة النفسية للانسان. ومع تزايد أهمية التوسع العمراني والتوسع في إنشاء المدن الجديدة، أصبح من الضروري فهم كيف يمكن للتطوير العمراني أن يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على الصحة النفسية للسكان..

ولكن كيف يكون هذا الاثر؟
عملية التطوير العمراني الصحيحة هي أحد تطبيقات علم الاقتصاد الذي يهدف على إدارة الموارد المحدودة من اجل تلبية وإشباع الاحتياجات الغير محدودة للانسان، وتبدأ من دراسة وفهم طبيعة الانسان ومتطلبات حياته والتخطيط لتوفير حياة صحية متكاملة ومستدامة.

ويؤدي التطوير العمراني المدروس إلى تحسين جودة الحياة من خلال توفيربنية تحتية متقدمة وخدمات متكاملة، والاهتمام بالمناطق العامة التي تحتوي على مساحات خضراء ومرافق متطورة الى جانب الخدمات الترفيهية وشبكات النقل الفعالة الامر الذي يوفر بيئة صحية تعزز من الراحة النفسية للانسان.

وأن إقتربنا من التطبيق نجد أن التعرض للمساحات الخضراء يمكن أن يقلل من مستويات التوتر ويحسن من المزاج العام. تخطيط الحدائق العامة والمتنزهات يوفر أماكن للاسترخاء والتفاعل الاجتماعي مما يعزز من الصحة النفسية، بالاضافة إلى الملاعب والخدمات الرياضية والمراكز الثقافية التي توفر فرص النشاط البدني والترفيهي، مما يساعد في تقليل القلق والاكتئاب وتحسين الصحة النفسية.

ويساهم التطوير العمراني المستدام في خلق بيئة صحية تقلل من التلوث وتعزز من الصحة العامة من خلال بعض الاجراءات مثل تحسين انظمة النقل وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة الامر الذي يقلل من تلوث الهواء. مما ينعكس ايضا إيجابًا على الصحة النفسية.

وعلى المستوى المجتمعي يعزز التطوير العمراني الجيد من التفاعل الاجتماعي ويقلل من العزلة، حيث أن إنشاء مساحات مجتمعية مفتوحة ومناطق تجارية حيوية يمكن أن يساهم في تعزيز الشعور بالانتماء والتواصل الاجتماعي.

كذلك استخدام تقنيات البناء الأخضر وتطبيق مبادئ التصميم البيئي يمكن أن يساهم في خلق بيئة عمرانية أكثر صحة واستدامة.

ولا يجب ان نغفل السلبيات ..
ومن فهم كافة الايجابيات واثرها نستطيع ادراك الجانب الاخر وهو التحديات التي تواجه المناطق المستهدفة لعملية التطوير العمراني والتي ربما تؤثر سلبًا على الصحة النفسية.

أخطاء التخطيط العمراني لا سيما البنية التحتية الضعيفة والطرق والمرافق التي لا تستوعب السكان والتي تؤدي الى الازدحام والضوضاء المرتفعة الامر الذي يزيد من مستويات التوتر والقلق.

وعلى المستوى المجتمعي فالاثر يكون اسوء بكثير حيث قد يؤدي التطوير العمراني غير المتوازن إلى تفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. مما يتسبب في بعض الامراض النفسية مثل الحقد من الطبقات الدنيا والاحساس بالطبقية نتيجة توافر الخدمات للطبقات العليا دون غيرها وكذلك الامراض المجتمعية مثل الامبالاة وضعف الانتاجية وعدم احترام القانون وغيرها.

الخلاصة ..
يمكن للتطوير العمراني أن يكون قوة إيجابية تعزز من الصحة النفسية والمجتمعية والرفاهية العامة إذا ما تم تنفيذه بطريقة مستدامة ومدروسة. من خلال التركيز على تحسين جودة الحياة. وتعزيز التفاعل الاجتماعي. وخلق بيئة صحية. تدعم الصحة النفسية للسكان.

الرابط المختصر
آخر الأخبار