رامي فتح الله يكتب: تسهيلات ضريبية جديدة: دعم للاقتصاد أم عبء مؤجل؟
- في خطوة جديدة تسعى لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز الالتزام الضريبي، أعلنت الحكومة عن حزمة من التسهيلات الضريبية التي تهدف إلى تحسين البيئة الاستثمارية وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. هذه التسهيلات، على الرغم من كونها محفزة، تطرح تساؤلات حول مدى تأثيرها الفعلي على الاقتصاد وما إذا كانت ستتمكن من تحقيق الأهداف المعلنة.
أبرز هذه التسهيلات تشمل تخفيف أعباء الغرامات على المتأخرين في سداد الضرائب، حيث تم تحديد سقف الغرامات بنسبة لا تتجاوز 100% من قيمة الضريبة الأصلية. هذه الخطوة تأتي لتقليل الضغط المالي على الممولين، وهو ما قد يساهم في زيادة معدلات الامتثال الضريبي. لكن يبقى السؤال: هل ستدفع هذه التسهيلات المتأخرين إلى السداد فعلاً أم أنها مجرد تأجيل لأعباء مستقبلية؟
كما تقدم الحكومة فرصة ذهبية للأفراد والشركات لتصحيح أوضاعهم الضريبية بين عامي 2020 و2023 دون دفع غرامات. هذه المبادرة تبدو واعدة، حيث توفر للشركات مساحة جديدة للالتزام بالقوانين دون التعرض لعقوبات، مما يعزز الشفافية ويشجع على بدء صفحة جديدة في التعامل الضريبي. لكن هل ستتجاوب الشركات مع هذه الفرصة أم أن البعض سيرى فيها محاولة للتهرب من مشاكل أكبر؟
واحدة من أكثر الخطوات إثارة للاهتمام هي إصدار قانون جديد لحل المنازعات الضريبية، يسمح للممولين بتقديم طلب تصالح مع مصلحة الضرائب. هذا الإجراء سيقلل من الوقت والجهد الضائعين في النزاعات الطويلة، ويمنح الشركات فرصة لحل الخلافات بشكل سريع. لكن هل سيتم تطبيق هذا القانون بكفاءة وعدالة لضمان تحقيق أهدافه؟
من ناحية أخرى، تم زيادة حد التزام تسعير المعاملات من 15 إلى 30، ما يتيح مرونة أكبر للممولين في إدارة معاملاتهم. هذه الزيادة في الحد ستخفف الأعباء على الشركات الكبيرة والمتوسطة التي تعمل في السوق، لكن يبقى السؤال: هل ستستفيد جميع الشركات بنفس القدر من هذه التعديلات؟
وأخيرًا، يأتي تفعيل منظومة “الرأي المسبق” التي تقدم استشارات ضريبية مجانية للممولين. هذه المبادرة قد تكون أداة فعالة لزيادة الشفافية وتقليل الأخطاء الضريبية، لكن تفعيلها بشكل فعلي ومستدام هو التحدي الأكبر.
بين التفاؤل والواقعية
تهدف هذه التسهيلات إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها تشجيع الاستثمار وتبسيط الإجراءات الضريبية. الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوات إلى تقديم صورة جديدة لبيئة الأعمال في مصر، حيث تكون أكثر دعمًا للاستثمار وتخفيفًا للأعباء على الممولين. لكن يبقى التنفيذ الفعلي لهذه السياسات هو المحك الحقيقي.
إذا تم تطبيق هذه التسهيلات بكفاءة وشفافية، فقد نرى بالفعل تحولًا إيجابيًا في البيئة الاقتصادية في مصر. ومع ذلك، إذا كانت هذه التسهيلات مجرد تأجيل لمشاكل أعمق، فقد نجد أنفسنا نواجه تحديات أكبر في المستقبل.
في النهاية، تسعى هذه الخطوة إلى تحسين المناخ الاستثماري وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان تحقيق الأهداف المعلنة.