أكدت الدكتورة منى وهبة أستاذ الاقتصاد الدولي، أن مصر مؤهلة بقوة لتصبح صين المنطقة ومركزًا صناعيًا إقليميًا ينافس كبريات الدول إذا ماتوافرت الإرادة والإدارة الصحيحة، مشيرة إلى أن التطورات الأخيرة في ملف الصناعة تعكس رؤية واضحة للحكومة الجديدة تجاه هذا القطاع الحيوي.
وأوضحت أن استحداث منصب نائب رئيس الوزراء للصناعة، يؤكد على أن الصناعة أصبحت على رأس الأولويات الوطنية للنهوض بالاقتصاد المصري.
حل مشكلات المستثمرين
وأشارت دكتورة منى وهبة، خلال لقائها التلفزيوني ببرنامج منتدى الأعمال مع الإعلامي والكاتب الصحفي سعيد الأطروش، إلى أن هناك تحسنًا ملموسًا في التعامل مع المستثمرين، لا سيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث باتت الإدارة تسابق الزمن لحل مشكلات المستثمرين وتعزيز التصدير من خلال تقديم حلول مبتكرة تتماشى مع التشريعات المصرية.
تعزيز الصادرات
وأشادت بالدور القيادي للفريق كامل الوزير في مواجهة التحديات واتخاذ قرارات حاسمة وسريعة، مؤكدة أن طموحات القطاع الصناعي كبيرة، وأن تعزيز الصادرات هو الحل الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة.
مبادرة مصر لبنان إلى أفريقيا
وتطرقت للحديث عن مبادرة “مصر-لبنان إلى أفريقيا”، التي حظيت برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث قدمت أستاذ الاقتصاد الدولي شكرها وتقديرها للوزير طارق قابيل والدكتورة سحر نصر على جهودهما البارزة التي ساهمت في خروج المبادرة إلى النور، معبرة عن فخرها بما تحقق من تقدم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ولبنان، خاصة في السوق الأفريقية.
وأشادت بالعلاقة الوثيقة بين رجال الأعمال اللبنانيين ووطنهم، مؤكدة أن الانتشار اللبناني حول العالم يتجاوز عدد سكان لبنان نفسه، حيث يُعد اللبنانيون في الخارج ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني من خلال تحويلاتهم المالية التي تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أن هذه التحويلات تظل مستمرة في لعب دور حيوي حتى في أوقات الأزمات والحروب.
وأضافت أن مبادرة “مصر- لبنان إلى أفريقيا” جمعت بين الصناعيين المصريين ورجال الأعمال اللبنانيين، الذين يتميزون بثقافة ريادة الأعمال والتجارة المستمدة من تراثهم الفينيقي، مما خلق فرصًا واعدة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين، وفتح أبوابًا جديدة للتوسع في الأسواق الأفريقية.
لفتت إلى أن التكامل بين الصناعة المصرية وريادة الأعمال اللبنانية خلق فرصًا واعدة للتعاون، خاصة في الأسواق الأفريقية، نظرا لما يتمتع اللبنانيون بقواعد قوية في غرب أفريقيا، مؤكدة نجاح المبادرة في تحقيق صفقات تصديرية مستمرة حتى اليوم.
وأعلنت أنه جارٍ الإعداد لإطلاق نسخة جديدة وقوية من المبادرة المصرية اللبنانية في أفريقيا، مع الاستفادة من التجارب والدروس المستفادة من المرحلة السابقة، بهدف ضمان تحقيق نجاح أكبر وتوسيع نطاق التعاون بين الجانبين المصري واللبناني في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتعزيز وجودهما المشترك في الأسواق الأفريقية.
الصناعة صمام الأمان
وشددت على أهمية تسليط الضوء على النماذج الإيجابية داخل المجتمع المصري، قائلة: “إنه بالرغم من التحديات التي تواجهها البلاد، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، من المهم أن نبرز الجوانب المشرقة والجهود الوطنية لدعم الاقتصاد، وخاصة من خلال الصناعة الوطنية التي تُعد صمام الأمان للاقتصاد المصري”.
وأشارت إلى أن الصناعيين المصريين يتميزون بحس وطني عالٍ ومسؤولية اجتماعية متنامية، مؤكدة أن الشركات الأجنبية التي تستثمر في مصر تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الصناعية الوطنية، حيث تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل، مما يعزز من الاستدامة الاقتصادية في البلاد.
وأشادت منى وهبة، بالدور المتطور الذي تلعبه الصناعة في دعم الاقتصاد المصري، مؤكدة على أهمية هذا القطاع في تعزيز القوى الناعمة المصرية داخل القارة الأفريقية، من خلال بناء شراكات اقتصادية قوية وزيادة التواجد المصري في الأسواق الأفريقية الواعدة.
التعاون الجماعي مفتاح النجاح
وعن تجربتها مع مبادرة “مصر-لبنان إلى أفريقيا”، أكدت أن التعاون الجماعي كان مفتاح النجاح، مشددة على أن هذه التجربة أثبتت أهمية العمل المؤسسي المنظم والتنسيق الفعّال بين جميع الأطراف لتحقيق الأهداف المشتركة، خاصة في الأسواق الواعدة مثل السوق الأفريقي.
وشددت على أن تحقيق النجاح في أفريقيا يتطلب العمل الجماعي المنظم والتكامل بين الجهات الحكومية والمستثمرين، على غرار ما يفعله منافسونا مثل الصين والهند، داعية إلى استثمار المزيد من الجهود لتعزيز الشراكات الاقتصادية وتنمية المشروعات المشتركة مع دول القارة الأفريقية.
واستشهدت بزيارة ملك المغرب، إلى كوت ديفوار على رأس وفد كبير من رجال الأعمال، مشيرة إلى أن هذه الزيارة حققت نتائج اقتصادية ملموسة بفضل تكامل الجهود السياسية والاقتصادية، حيث شهدت تنسيقًا عالي المستوى بين الدولة ورجال الأعمال، مما أدى إلى اقتناص فرص استثمارية كبيرة ومشروعات تنموية واعدة.
مصر والسوق الأفريقي
وأوضحت أن مصر تدرك أهمية السوق الأفريقي، في ضوء رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أولى القارة الأفريقية أولوية خاصة على أجندة العمل الوطني، مشيرة إلى أن السوق الأفريقي يمثل فرصة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها.
وأكدت أن الجهود المبذولة حاليًا تسير في الاتجاه الصحيح لتعزيز الحضور المصري داخل القارة.
دعم الدولة ومواجهة المشاكل اللوجستية
ودعت «وهبة» الدولة المصرية لدعم الشركات المصرية في مواجهة المشاكل السياسية واللوجستية، مشيرة إلى أن مصر كعضو في الكوميسا تواجه صعوبات في بعض الأسواق المهمة بسبب الأوضاع الحالية في بعض المناطق، مثل ارتفاع تكاليف الشحن نتيجة للوضع السياسي الصعب.
وأضافت أن تكلفة النقل تؤثر بشكل كبير على القدرة التنافسية للمنتجات المصرية، حتى في الأسواق التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة، مثل بعض المواد البنائية.
وقالت: “إنه بالرغم من الجهود الحكومية لدعم حضور الشركات المصرية في هذه الأسواق، فإن الوضع السياسي والتجاري في مناطق مثل باب المندب يحتاج إلى تدخل أكبر من الدولة لتسهيل حركة التجارة”.
أوضحت أنه من الضروري تبني نموذج أعمال مثالي لمنتجاتنا في الأسواق الأفريقية، بحيث تكون بضاعتنا حاضرة بشكل دائم في هذه الأسواق.
الاستثمار في أفريقيا
وتابعت ” إننا كصناعيين يجب أن نستثمر في أفريقيا كما يفعل منافسونا، لأن الوجود الفعلي في السوق الأفريقي يتيح لنا ضمان الطلب المستمر وتسهيل عملية المدفوعات”.
وأضافت أن تأسيس شركات أو مخازن أو مراكز توزيع في أفريقيا يعالج جزءًا كبيرًا من المشاكل اللوجستية والمالية، حيث يمكن للشركات أن تضمن وصول منتجاتها بشكل أسرع وأكثر كفاءة، منوهة إلى أنه بالرغم من هذه الخطوة المهمة، ستظل هناك تحديات أخرى تحتاج إلى حلول مبتكرة لضمان استمرارية النجاح في السوق الأفريقي.
البنوك الإقليمية ودعم التصدير لأفريقيا
أشارت منى وهبة، إلى أهمية الاستفادة من البنوك الإقليمية لدعم التصدير إلى أفريقيا، موضحة أن بعض هذه البنوك لديها آليات تتيح التعامل المباشر مع القطاع الخاص، بينما يحتاج البعض الآخر إلى دعم سياسي من الحكومة المصرية لتفعيل دوره.
واستشهدت بتجربتها في “المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا” عندما كانت عضوًا في مجلس إدارته، حيث تم إنشاء لجنة للقطاع الخاص داخل البنك، ما ساهم في حل مشكلة مخاطر التصدير للأدوية المصرية إلى دول مثل بوروندي.
وأكدت أن التعامل مع مثل هذه البنوك يتطلب مبادرة سياسية مصرية لتعزيز التعاون معها، مما يمكن الصناعيين المصريين من الاستفادة الكاملة من آليات ضمان الصادرات.
وشددت على أن دعم الدولة لمثل هذه المبادرات يسهم في حل جزء كبير من التحديات التي تواجه الصادرات المصرية إلى الأسواق الأفريقية.
اتفاقيات التجارة الحرة
وأكدت أن مصر من أهم دول العالم في شبكة اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية، والتي تمثل ميزة استراتيجية لزيادة التبادل التجاري وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
أضافت أن هذه الاتفاقيات تشمل دولًا أفريقية وعربية وأوروبية، وتفتح آفاقًا واسعة أمام الصادرات المصرية للاستفادة من تخفيض الرسوم الجمركية وفتح الأسواق.
ورأت منى وهبة، أنه إذا اجتمعت صناعة قوية مع سياسات مالية مستقرة وقابلة للتوقع، ستشهد مصر تحولاً نوعياً في قدراتها التصديرية.