قال الدكتور محمد مصطفى القاضي، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس شركة Norm للاستشارات العمرانية، إذا كانت مصر دولة رأسمالية بحق، فلا بد أن نُمكّن القطاع الخاص ليكون قاطرة التنمية، ويجب أن نؤمن بدوره، ونعمل على فتح المجال أمامه ليقود عمليات التطوير والنمو الاقتصادي، بدلًا من أن تتحمل الدولة أعباءً إضافية قد تُثقل كاهلها وتؤثر على المواطن، الذي يتحمل التكلفة في نهاية المطاف، فتمكينه ليس خيارًا، بل ضرورة لتحقيق النمو والاستدامة.
وأضاف «القاضي»، في حواره لبرنامج منتدى الأعمال مع الإعلامي والكاتب الصحفي سعيد الأطروش، أن التحديات الحالية التي يواجهها الاقتصاد المصري تستدعي إعادة النظر في دور الدولة والقطاع الخاص لتحقيق التوازن المطلوب.
خصخصة قطاع الأعمال
وأوضح أنه عندما بدأ الحديث عن الخصخصة في الثمانينيات، في وقت كانت فيه الدولة اشتراكية وتُلزم نفسها بتعيين العمالة ودعم السلع والبنزين والخدمات، مع التحكم الكامل في الاقتصاد، هذا الوضع جعل الدولة تتحمل أعباء ضخمة لا تستطيع الوفاء بها.
تعديل دستور 2007
وأشار «القاضي»، إلى أنه مع تعديل دستور 2007، حدث تصالح مع النفس، حيث تم الإعلان بوضوح عن تبني الدولة للنظام الرأسمالي، وتشجيع الملكية الخاصة بجميع أشكالها، والتنازل التدريجي عن الدعم المباشر وتعيين العمالة، لكن في الوضع الحالي، ورغم التخلي عن الدعم، عادت الدولة لتسيطر بشكل كبير على قطاعات مثل الإسكان، حيث تدخلت في جميع المستويات، من الفاخر إلى المتوسط، مما أدى إلى تراجع دور القطاع الخاص.
تخارج الدولة
ورأى محمد مصطفى القاضي، أن وثيقة سياسة ملكية الدولة تمثل فرصة حقيقية لمعالجة تراجع دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بشرط تنفيذها بسرعة وبصورة شاملة.
ووصف بيع أصول قطاع الأعمال دون استراتيجية شاملة بالخصخصة التي حدثت في أوائل الألفينات، وهو ليس التخارج الذي نحتاجه.
وأوضح أن التخارج، يعني خروج الدولة تمامًا من منافسة القطاع الخاص، وترك المجال له ليقود التنمية الاقتصادية، مع اقتصار دورها على التخطيط والتنظيم والمراقبة.
دور الدولة
وأكد «القاضي» أن دور الدولة يجب أن يركز على المشروعات التي تحتاج استثمارات ضخمة أو بنية تحتية معقدة، مثل تصنيع الألومنيوم الخام، أما القطاعات التي تعتمد على الابتكار والتطوير، مثل صناعة السيارات، فيجب أن تركز الدولة على وضع أنظمة شاملة تُحفز القطاع الخاص على الاستثمار والإبداع وليس إنشاء مصانع للسيارات فهذا ليس دورها.
تجربة الصين في صناعة السيارات
واستشهد عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، بتجربة الصين كنموذج ناجح، حيث لم تنشئ الحكومة أكبر مصانع السيارات، لكنها وضعت نظامًا متكاملاً لدعم الصناعة، بدءا من أبحاث التطوير إلى توفير التعليم وإنشاء معاهد متخصصة في الطاقة، وصولًا إلى دعم العقول المبدعة.
وأكد على أن هذه الاستراتيجية جعلت الصين رائدة عالميًا بلا منازع في صناعة السيارات الكهربائية، خاصة في مجال البطاريات.
تجربة مصر في صناعة السيارات
وعن تجربة مصر في صناعة السيارات، قال «القاضي» : “إن مصر حاولت في الماضي تصنيع وتجميع سيارات عالمية مثل مرسيدس وBMW، لكنها لم تستطع تحقيق الاستدامة؛ بسبب غياب الملكية الفكرية ونقص التطوير والابتكار المحلي”.
ودعا إلى التفكير بمنهجية شبيهة بالصين، حيث تركز على بناء نظام شامل للتطوير، وليس مجرد إنشاء مصانع فحسب.
وأكد أهمية التخارج المدروس للدولة، مع فتح الأبواب للقطاع الخاص ليكون قاطرة التنمية، مستفيدًا من تخطيط الدولة ودعمها لأنظمة تعليمية وبحثية شاملة.