الدكتور شريف محجوب يكتب: أسعار العقار و العرض و الطلب

من المعروف اقتصاديا و مثبت تاريخيا أن سعر أي سلعه او خدمه يتم تحديده من خلال العرض والطلب على تلك السلعه او الخدمه و يوضح الرسم البياني شكل منحنى العرض و الطلب في الوضع المثالي كالتالي:

يوضح الرسم البياني أنه كلما ارتفع سعر السلعة قل الطلب عليها و العكس صحيح كما يوضح الرسم أن سعر السلعة يتحدد عند نقطة التقاء خط العرض مع خط الطلب.

و مع الاخذ في الاعتبار ما تمر به البلاد من تحديات اقتصادية ناتجة عن ظروف اقليمية و جيوسياسية مما ادى الي تدهور سعر الصرف مقابل الدولار والذي أدى بدوره إلى موجات تضخمية متتاليه مما القي المزيد من الاعباء على العائلات المصريه فمن الطبيعي أن ينخفض خط الطلب على السلع والخدمات خاصة وأن مستوى الدخول لا تتماشى أبدا مع زيادات الأسعار المتتالية.

وعلى جانب العرض و بالحديث عن أسعار العقارات في مصر نرى أن خط العرض بدوره ارتفع نتيجة لارتفاع أسعار العقار بشكل غير مسبوق نتيجة لارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار مدخلات إنتاج العقار من أرض إلى حديد تسليح و اسمنت و خلافه ليصبح الشكل التالي هو الشكل المعبر عن وضع السوق العقاري الان.

 ويتضح من الشكل السابق أن المعروض وإن كان فيه وفرة فهو  لا يقابل بطلب حقيقي نتيجة لعدم وجود قدره شرائيه بالأسعار السائدة، وهنا تأتي الإجابة عن أسئلة كثيرة منها:

أين تتجه اسعار العقار في الفترة القادمة؟ و كيف يواجه المطور بطء البيع و قلة الطلب؟

من الواضح لأي متابع للسوق العقاري أن بعض المطورين قرر الهروب للأمام و طرح مشاريع ذات مستوى عالي جدا من الرفاهية مخاطبا الفئة القادرة على الشراء بالأسعار الحالية من خلال طرح Branded Apartments وهي شقق فندقية تابعة وباسم سلاسل فندقية شهيرة تتميز بمستوى تشطيب خرافي و مرافق و خدمات تشعر المشتري وكأنه مقيم في فندق خمس نجوم.

أما باقي المطورين قرروا الهروب للخلف إن جاز التعبير من خلال طرح أما فترات تقسيط أطول تصل لعشر سنوات بدون فوائد او من خلال طرح وحدات بمساحات أقل واستخدام اذكي للمساحات لتقليل المساحات المهدرة ومنهم من جمع بين الاثنين وكل ذلك في محاولة من جميع المطورين لدفع المبيعات إما من خلال مخاطبة الفئة الأعلى دخلا أو من خلال دفع خط العرض إلى أسفل حيث يعود و يتقاطع مع خط الطلب عند اسعار اقل و بالتالي عدد وحدات مباعة أكثر لتفادي التباطؤ الحاصل حاليا.

و لذلك لا اتوقع اي زياده في اسعار العقار في الفترة القادمة خاصة مع التضخم المستعر و المستمر و الذي يضع مزيد من الضغوط على جانب الطلب خاصة في ظل الدخل الشهري للأسرة و الذي لا يتحرك بنفس السرعة وعلى جانب العرض أيضا لوجود وحدات عقارية بوفرة في السوق العقاري سواء ان كانت بيع أولي من الشركه او اعاده بيع من مشترين سابقين ووجود خصومات على الدفع و طرح فترات تقسيط اطول و مساحات أقل.

و في النهاية…الشيء الوحيد الذي يدفع الى ارتفاع الاسعار في السوق العقاري هو تعويم جديد و موجة جديدة من التضخم و ضبابية المشهد مما يشعل الهلع و الخوف من فقدان المدخرات لقيمتها و بالتالي يؤدي إلى موجة مبيعات قوية كسابقتها من موجات المبيعات التي صاحبت كل تعويم.

الرابط المختصر
آخر الأخبار