شهدت مصر تواجدًا مبكرًا للفكر الاشتراكي، الذي بدأ مع المبتعثين المصريين في نهاية القرن التاسع عشر. تأثر العديد من هؤلاء بالأفكار الاشتراكية الطوباوية مثل الفابية والاشتراكية الديمقراطية، بالإضافة إلى الفكر الماركسي.
ويُعد سلامة موسى من أبرز رواد الفكر الاشتراكي في مصر، حيث تأثر خلال إقامته في فرنسا بالفكر الغربي وألف أكثر من أربعين كتابًا تناول بعضها النظرية الاشتراكية.
وظهرت خلال فترة التعددية السياسية (1919-1952) أحزاب اشتراكية مثل حزب مصر الفتاة والحزب الشيوعي المصري، التي ساهمت في صياغة ثقافة وطنية ذات نزعة اشتراكية.
الاقتصاد تحت الدولة الشمولية
وتحول النظام السياسي في مصر بعد ثورة يوليو 1952 إلى الشمولية، حيث اعتمد النظام سياسات مثل الإصلاح الزراعي والتمصير، التي هدفت إلى نقل ملكيات الأجانب إلى المصريين، ورغم شعبيتها بين العناصر الاشتراكية، إلا أن هذه السياسات أدت إلى هروب رؤوس الأموال وفقدان الخبرات، مما أضر الاقتصاد المصري.
وتصاعد هذا التوجه مع إصدار “الميثاق الوطني” عام 1962، الذي أرسى دعائم الاقتصاد الموجه ورأسمالية الدولة، وأدى إلى طغيان ملكية الدولة وتأميم المصانع وتفتيت الملكية الزراعية، لكن دون تحقيق كفاءة تشغيلية.
عهد السادات
وتزامن مع تولي الرئيس أنور السادات الحكم عام 1970، سعى لتحرير الاقتصاد المصري من قبضة الدولة، تم إصدار قانون 43 لسنة 1974، الذي وفر ضمانات للمستثمرين الأجانب وفتح الباب أمام القطاع الخاص. رغم هذه الجهود، إلا أن هيمنة القطاع العام وغياب التنافسية حدّ من تأثير هذه الإصلاحات.
علاقة مصر مع صندوق النقد الدولي
في محاولاتها لمواجهة الالتزامات المالية، لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي، لكن شروط الصندوق المتعلقة بالحد من الاستثمار العام وتعزيز دور القطاع الخاص أثارت تساؤلات حول قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق النمو المستدام.
وتزال الحكومة تواجه تحديات كبيرة في إصلاح النظام الاقتصادي، خصوصًا مع استمرار دور المؤسسات العامة في الاقتصاد، وغياب الشفافية حول تكاليف مشروعاتها.
دور القطاع الخاص
وتواجه مصر مع تجاوز عدد السكان 110 ملايين نسمة، ضغوطًا متزايدة لإطلاق العنان للقطاع الخاص لقيادة عملية التنمية، ويشير الخبراء إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إصلاحات جذرية لتحرير المؤسسات العامة، تعزيز الشفافية، وتحسين بيئة الأعمال.
ويبقى التساؤل المحوري: هل ستتمكن مصر من الاستفادة من علاقتها مع صندوق النقد الدولي والمانحين لتحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد؟