تبدأ القصة من تأسيس شركة تطوير عقاري برأسمال محدود علي عكس طبيعة الصناعة والتي تعتبر من نوعية الصناعات الكثيفة رأس المال ويكون اول هدف لصاحب الشركة هو تأسيس مقر جذاب جدا وعلي اعلي مستوي من التشطيب وذلك لاعطاء انطباع عام لدي المشترين المحتملين بأن الشركة بالرغم من حداثتها الا انها شركة عظيمة تسمتع بمقر راقٍ في مكان مميز و أعلي مستوي من التشطيبات و كل ذلك لسهولة البيع عند اطلاق المشروع الاول.
ثم تأتي بعد ذلك ثاني ضرورة ملحة وهي شراء ارض وبعد شراء الارض و وضع تصميم جذاب للمشروع تظهر الحاجة الملحة لتحقيق مبيعات سريعة وتأمين تدفقات نقدية تكفي لسداد اقساط الارض والشروع في اعمال الانشاءات للمشروع فيسرع صاحب الشركة في تعيين فريق مبيعات محترف واستكمال الهيكل الاداري للشركة مع الاقتصاد في عملية التعيينات ما امكن وتعيين الوظائف الضرورية فقط و ذلك لعدم كفاية رأس المال في المقام الاول ويكتفي بتعيين محاسب او اثنين وتسند معظم الاعمال لشركات خارجية للتوفير وبدلا من تعيين طاقم ادراي كامل و الشركة لسه في اولي خطواتها و تسند اعداد دراسة الجدوي للمشروع لمكتب استشارات مالية والتسويق ايضا يتم اسناده لشركات خارجيه و كذلك الاستشارات القانونية و كتابة عقود البيع يتم ايضا اسنادها لمكتب خارجي.
ويأتي يوم اطلاق المشروع الاول بعد عناء و مراجعات مضنية للتأكد من ان المشروع علي اعلي مستوي من التخطيط العمراني ويوفر كافة احتياجات الاسرة المصرية بل و اكثر من حيث انه يتميز بطابع خاص يعطي احساس بالتفرد ويتم تنفيذ حملة دعاية واسعة جدا لاعطاء الدفعة الكافية للمبيعات و تبدأ المكالمات التليفونية و التعليقات علي وسائل التواصل و تبدأ الزيارات لمقر الشركة من العملاء المحتملين وتبدأ الحجوزات والتعاقدات وبيدأ فريق البيع بالضغط علي صاحب الشركة في اعطاء تخفيضات وخصومات للمشترين ويوافق صاحب الشركة تحت ضغط عدم كفاية رأس المال و اعتماده الكلي علي التمويل من المبيعات بل و اكثر من ذلك حيث يتم منح العميل فترات تقسيط اطول من ما جاءت به دراسة الجدوي و ذلك تحت ضط فريق المبيعات و بحجة التماشي مع السوق و التماشي مع العروض المطروحة من المطورين المنافسين.
وتبدأ عملية اختيار مكتب استشاري لاعداد الرسومات و المواصفات الفنية للمشروع و من ثم مقاول عام للمشروع و تجميع العروض السعرية – طبعا بالاعتماد علي مكاتب خارجية و ليس موظفي الشركة- و عادة ما تستمر خطوه اختيار المكتب الاستشاري و المقاول العام و الترسية والتعاقد والانتهاء من الرسومات الفنية لمده ستة اشهر او سنة في بعض الاحيان.
وبعد تعيين الاستشاري العام والمقاول العام للمشروع تبدأ اعمال الجسات و التسوية و الحفر و التي لا تقل عن سنة اخري و خاصه ان كانت مساحة المشروع كبيرة او ان كانت التربه بها بعض المناطق الصخرية و التي تستغرق وقت اطول للتكسير و نقل ناتج التكسير.
وهنا تحدث المفاجأة…. سعر متر المباني اصبح اعلي بكتير من ما جاءت به دراسة الجدوي و المفاجأة الاكبر ان ما تم بيعه لا يكفي سداد اقساط الارض و تكلفة ايجار المقر الفاخر و سداد مستخلصات المقاول خاصة وانه مضي من سنة لسنتين في احسن تقدير من يوم ان بدأ البيع ليوم استلام اول مستخلص.
وهنا تبدأ رحلة تلبيس الطواقي و الهروب للامام حيث تظهر الحاجه الملحة للتعاقد علي ارض جديدة وبدء البيع فيها بأسعار اعلي من سابقتها لتمويل المشروع القديم و الجديد علي حد سواء و هو ما لا يحدث مطلقا حيث انه اي مبيعات لاي مشروع مهما كانت مربحه لا تكفي ان تسدد تكاليف الانشاءات لمشروعين في وقت واحد ناهيك عن اقساط الارض الجديده فيكون الحل السحري -من وجهه نظر صاحب الشركه- هو الهروب للأمام و التعاقد علي ارض جديده املا منه في تمويل العجز.
ويستمر الهروب للأمام عندما يستمر العجز نظرا لعدم كفاية رأس المال في المقام الاول ثم عجز المشروع الجديد في تمويل المشروعين وعدم توافر التمويل البنكي للشركات الناشئه في التطوير العقاري نظرا لعدم اثبات اي ارباح ناتج عن تسليم الوحدات للمشتريين و بالتالي احجام البنوك بشكل عام عن التمويل عن طريق الاقراض ويصبح الامل الوحيد في اطلاق المشروع الجديد وتكبر كرة الثلج مع اطلاق المزيد من المشاريع ويكبر معها حجم الانشاءات المتاخره و التي يرتفع سعرها كل يوم و يتأخر تسليم العميل في الموعد المتفق عليه والمذكور في العقد.
اخيرا ارجو النظر في اصدار قانون ينظم تأسيس شركات التطوير العقاري ويلزم بدفع رأس مال يكفي الالتزامات ويحترم طبيعة الصناعة ويحافظ علي الصناعة من التعرض لصعوبات وتحديات لا يعلم عاقبتها الا الله.