الدكتورة مي منيب تكتب: الهيدروجين الأخضر في مصر.. طريق نحو التحول المستدام

في إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والوصول إلى الاقتصاد الأخضر ضمن رؤية مصر 2030، تبنّت الحكومة المصرية استراتيجية طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وتم الإعلان عن هذه الاستراتيجية لأول مرة في نوفمبر 2023، بعد إقرارها من قبل الحكومة وتحويلها إلى المجلس الأعلى للطاقة.

وتشمل هذه الاستراتيجية الأبعاد الاقتصادية، البيئية، والتكنولوجية، مع التركيز على تحقيق هدف إنتاج 5.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2040.

ومن الأهداف الاستراتيجية للهيدروجين الأخضر في مصر، إنتاج الهيدروجين الأخضر: تستهدف مصر إنتاج 5.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2040، بالاضافة الى ان مصر تسعى للاستحواذ على ما بين 5% و8% من السوق العالمي للهيدروجين الأخضر، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في هذا القطاع العالمي المتنامي، كما تساعد على الحد من انبعاثات الكربون: يهدف المشروع إلى تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 40 مليون طن سنويًا، وهو ما يعزز التزام مصر باتفاقيات المناخ العالمية.،وتتوقع الاستراتيجية خلق نحو 100 ألف فرصة عمل جديدة في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، كما انه من المتوقع أن يسهم قطاع الهيدروجين الأخضر في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بين 10 و18 مليار دولار، ما يعزز الاستدامة الاقتصادية للبلاد.

ومن المتطلبات الأساسية لتحقيق أهداف الهيدروجين الأخضر، تحتاج مصر إلى بناء بنية تحتية متقدمة، فضلاً عن تعزيز قدرتها على التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر. يتطلب هذا تحليلا كهربائيا: وفقًا للتقديرات، تحتاج مصر إلى تركيب نحو 40 جيجاوات من سعة التحليل الكهربائي بحلول عام 2040، بمعدل نمو سنوي قدره 2.5 جيجاوات، والاستثمار في البنية التحتية: تتراوح التكاليف الاستثمارية اللازمة لهذه المشاريع بين 12 مليار دولار إذا تمت وفقًا للنموذج الصيني، وتصل إلى 50 مليار دولار إذا تم تطبيق النموذج الغربي، والتوسع في القدرة العالمية: في عام 2022، كانت القدرة العالمية المركبة لمشاريع التحليل الكهربائي 687 ميجاوات. من المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم 2.88 جيجاوات في 2023، مما يعكس النمو السريع في قطاع الهيدروجين الأخضر.

وتسهم استراتيجية الهيدروجين الأخضر في توفير العديد من الفرص الاقتصادية الكبرى، لكن في الوقت ذاته تواجه هذه المبادرة تحديات تتعلق بالاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة. لتحقيق الأهداف المطلوبة، تحتاج مصر إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة: للوصول إلى القدرة الإنتاجية المطلوبة من التحليل الكهربائي (38.7 جيجاوات)، يتطلب الأمر إنتاج 104.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة، وهو تحدٍ يتطلب استثمارات ضخمة، معدل النمو السنوي للطاقة المتجددة: في ظل الحاجة لإضافة 6.3 جيجاوات من الطاقة المتجددة سنويًا حتى 2040، يصبح تحسين القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح أمرًا حيويًا. بحلول يونيو 2023، كانت قدرة الطاقة المتجددة في مصر تبلغ 3.31 جيجاوات، مما يبرز الحاجة لاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة لمواكبة هذه الأهداف.

الاستفادة من النمو العالمي: شهد عام 2023 إضافة 510 جيجاوات من الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وهو ما يشير إلى وجود فرص كبيرة لمصر للاستفادة من هذا الاتجاه العالمي في تعزيز قدراتها في قطاع الطاقة المتجددة.

تعتبر الموارد المائية أحد التحديات المهمة في مصر. مع ذلك، فإن تأثير استراتيجية الهيدروجين الأخضر على احتياجات المياه في مصر يعتبر محدودًا بشكل كبير:

• استخدام المياه في إنتاج الهيدروجين: وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، سيتطلب إنتاج 5.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا حوالي 63.8 ألف طن من المياه سنويًا، أي ما يعادل 0.065 مليار متر مكعب.

• استهلاك المياه الإجمالي في مصر: مقارنةً بالاستهلاك السنوي الإجمالي للمياه في مصر (80 مليار متر مكعب)، فإن كمية المياه المطلوبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر تشكل جزءًا ضئيلاً للغاية، مما يعكس قدرة مصر على تحقيق التوازن بين احتياجاتها المائية واستثماراتها في الطاقة المتجددة.

استراتيجية الهيدروجين الأخضر تفتح أمام مصر العديد من الفرص الاقتصادية الواعدة، الاستثمارات الأجنبية: تعتبر الاستثمارات المتوقعة بين 113 و149 مليار دولار فرصة كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، تنمية القطاعات الجديدة: سيساهم الهيدروجين الأخضر في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تطوير قطاعات جديدة، بما في ذلك الصناعات المتعلقة بالطاقات النظيفة والهيدروجين، مركز إقليمي لتصدير الهيدروجين الأخضر: بفضل موقعها الجغرافي المتميز، يمكن لمصر أن تصبح مركزًا إقليميًا رئيسيًا لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى الأسواق العالمية، ما يزيد من قدرتها التنافسية على الساحة العالمية. تحسين ميزان المدفوعات: سيساهم الهيدروجين الأخضر في تحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على واردات الطاقة التقليدية.

وتُعد استراتيجية الهيدروجين الأخضر بمثابة خطوة استراتيجية نحو تحول مصر إلى لاعب عالمي في مجال الطاقة النظيفة. على الرغم من التحديات التي تتعلق بزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة وتحقيق التوازن بين احتياجات المياه والإنتاج، فإن هذه الاستراتيجية تقدم فرصًا اقتصادية كبيرة تدعم الاقتصاد المصري وتضعه على مسار النمو المستدام. إذا تم تنفيذ هذه الأهداف بنجاح، ستسهم مصر في تحقيق تحول عالمي نحو الاقتصاد الأخضر وتقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري، مما يجعلها في طليعة الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر عالميًا.

الرابط المختصر
آخر الأخبار