تفاؤل الخبراء والبنوك الدولية.. «مصر» نحو استقرار الاقتصاد

يواصل الاقتصاد المصري جذب أنظار المؤسسات المالية العالمية، في ظل الإصلاحات الاقتصادية وإجراءات التيسير النقدي التي تنفذها الحكومة بدعم من صندوق النقد الدولي، ومع تحسن المؤشرات الاقتصادية تدريجيًا، تتباين توقعات البنوك الاستثمارية حول مستقبل أسعار الفائدة وأداء الجنيه أمام الدولار.

ورغم السياسات النقدية والمالية المتشددة، تبرز توقعات إيجابية تشير إلى استقرار سعر الجنيه أمام الدولار، ومن ثم استقرار الاقتصاد المصري وتحسن مؤشرات النمو.

الجنيه أمام الدولار

في هذا السياق، توقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز”، في تقريرها الصادر في 7 يناير 2025 أن يصل سعر الدولار إلى ما بين 50 و55 جنيهًا خلال عام 2025.

وبحسب تقرير مورجان ستانلي، في 30 يناير 2025، فإن معظم الاقتصاديين والمستثمرين المحليين يرون أن سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري سيتراوح بين 48-52 في عام 2025، ليظل ضمن المستويات التي تشير إليها عقود الصرف الآجلة.

وتظل النظرة المستقبلية للنقد الأجنبي في مصر إيجابية، حيث أوضح بنك جولدمان ساكس في تقريره الأخير، أن رؤيته للنقد الأجنبي في مصر تظل متفائلة على المدى القريب، ويعزى هذا التفاؤل إلى تدفقات كبيرة من المستثمرين الأجانب إلى السوق المصري منذ بداية العام، وهو ما يُعتبر مؤشرًا قويًا على ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد المصري على التكيف والنمو.

وأشار التقرير إلى أن هذه التدفقات قد أسهمت في دعم ارتفاع الجنيه المصري بنحو 1.5% مقابل الدولار الأميركي منذ بداية 2025.

فيما تذهب توقعات جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي، إلى أنه خلال عامي 2025 و2026 سينخفض سعر الجنيه أكثر ليكون سعر الدولار عند 55 و60 جنيهاً على التوالي.

توقعات أسعار الفائدة

ومع التوقعات الإيجابية لأداء الجنيه المصري أمام الدولار، يظل سعر الفائدة أحد أهم القضايا التي تؤثر في السوق المصري، حيث تختلف رؤى البنوك و المحللين الاقتصاديين بشأن أسعار الفائدة التي تشكل عاملا محوريا في تحفيز النمو الاقتصادي.

ورجح بنك جولدمان ساكس أن يقدم البنك المركزي المصري على خفض كبير في أسعار الفائدة خلال عام 2025، لتصل إلى 13% بنهاية العام مقارنة بمع 27.25% حاليًا، وهو ما يمثل تراجعًا بنحو 14.25%.

ووفقا لتقرير “جولدمان ساكس”، فإن أسعار الفائدة الحقيقية ستظل إيجابية حتى مع هذه التخفيضات، متوقعا دعم صندوق النقد الدولي لأي سياسات نقدية توسعية تتماشى مع اتجاهات التضخم الأساسية.

وعلى غرار “جولدمان ساكس” يرى “مورجان ستانلي”، أن هناك مجالا لخفض الفائدة بنحو 10% خلال العام المالي الحالي، في حين اقتصرت توقعات المحللين على 6%، فيما كان يرى جولدمان ساكس أن الخفض قد يصل إلى 13%.

ووصف مورجان ستانلي، الأجواء في مصر بالتفاؤل الحذر، إذ ساعد توحيد سعر الصرف في مارس، إلى جانب التمويلات المتعددة الأطراف وبرنامج الإصلاح المدعوم من صندوق النقد الدولي، في وضع مصر على مسار مستدام نحو استقرار الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط.

وقال إن استثمارات الأجانب في الدين المحلي تراجعت إلى 14 مليار دولار من نحو 20 مليار دولار ذروتها في مارس وفق تقديرات المتعاملين في السوق، وإن بيانات البنك المركزي تكشف أن حيازة الأجانب للأذون بنهاية أكتوبر والبالغة 37 مليار دولار تشمل 18.3 مليار دولار ضمانات متعلقة بمعاملات الريبو للبنوك المحلية مع البنوك الأجنبية، والتي يجب خصمها من الرقم الإجمالي لتجنب العد المزدوج.

آراء الخبراء المصريين

ومع ذلك، فإن التوقعات المحلية أكثر تحفظا، حيث يرى خبراء اقتصاديون ومصرفيون محليون أن وتيرة الخفض ستكون أبطأ، مرجحين أن تنخفض أسعار الفائدة إلى نطاق 20%-21% بحلول نهاية العام.

وعبّر محمد العريان، الخبير الاقتصادي العالمي المصري، عن رأيه، أن البنك الفيدرالي الأمريكي قد يلجأ إلى خفض الفائدة مرة واحدة خلال هذا العام، بغض النظر عن معدلات التضخم، حيث أشار إلى أن “استهداف التضخم”، أصبح مسألة عفا عليها الزمن، في إشارة إلى التغيرات في سياسات الفائدة على مستوى العالم.

واتفق معه هاني توفيق الخبير الاقتصادي، الذي أكد أن السياسات النقدية والمالية الأخرى ليست أقل أهمية من سعر الفائدة، موضحًا أن إدارة السياسة المالية بشكل شامل تمثل عاملًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات العالمية والمحلية الراهنة.

توقعات التضخم

وفي الوقت الذي يترقب فيه الخبراء والمحللون استمرار التحسن الاقتصادي في مصر، تأتي توقعات “مورجان ستانلي” لتضيف مزيدًا من التفاؤل، حيث تتوقع تراجع التضخم لمستويات بين 14 و15% خلال العام المالي الحالي.

وتراوحت توقعات التضخم المحلي لنهاية 2025 بين 13-20% سنويًا، لكن الإجماع العام كان حول 16-18%، أما تقديرات البنك الأساسية، فترى أن التضخم سينخفض إلى نحو 14.5% بنهاية العام.

توقعات النمو الاقتصادي

تتباين التوقعات بشأن نمو الاقتصاد المصري في السنوات المقبلة، حيث أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد المصري من المتوقع أن ينمو بنسبة 3.6% خلال السنة المالية الحالية، مع توقعات بتسارع النمو إلى 4.1% في 2025/26.

وفي المقابل، توقّع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 3.5% في 2024 و4.2% في 2025.

من جانبها، توقعت وزارة التخطيط المصرية نموًا بنسبة 4.0% في 2024/25، في حين أشارت مونيكا مالك من بنك أبوظبي التجاري (ADCB) إلى أن البنك يتوقع نموًا بنسبة 4.5% هذا العام، مدفوعًا بتخفيف السياسة النقدية واستئناف التدفقات عبر قناة السويس، وهو ما سيعزز النمو.

ومع ذلك، أضافت مونيكا مالك أن هناك عوامل أخرى قد تُعيق الاقتصاد المصري، بما في ذلك التحديات المحلية والدولية التي تواجهها الأسواق المالية.

وتبقى التوقعات بشأن الاقتصاد المصري في عام 2025 تتسم بالتحديات والفرص على حد سواء، فبينما يشهد الجنيه تحسنًا تدريجيًا أمام الدولار مدعومًا بتدفقات الاستثمار الأجنبي، تظل أسعار الفائدة وحركة السياسة النقدية محط أنظار المحللين والمستثمرين المحليين والدوليين.

ومع التباين في التوقعات بين البنوك العالمية والخبراء المحليين، يبدو أن الأشهر المقبلة ستشهد تحولات هامة قد تؤثر على استقرار السوق المصري ونموه.

الرابط المختصر
آخر الأخبار