مصطفى عبيد يكتب: التعليم الفني والصناعة «2»
صرح وزير التعليم في لقاء تلفزيوني مع ممثلي المحطات التلفزيونية إن الوزارة لديها 1272 مدرسة ثانوية صناعية على مستوى الجمهورية وهي تمثل 55% من التعليم الثانوي وأن 45% تعليم ثانوي عام – مع العلم بأن البيانات المسجلة على موقع الوزارة تختلف عن تصريحه – موقع الوزارة – مسجل 3444 مدرسة في عام 2024/2025 (1811 صناعي – 351 زراعي – 1116 تجاري 166 فندقي).
وكما أوضحت في مقالي السابق أن خريج المدارس الحكومية الفنية لا يصلح لسوق العمل بالرغم من أن مصر دخلت بالفعل في نهضة صناعية غير مسبوقة وبدأت منذ عدة سنوات وفي حالة دائمة من التوسع لم تشهده منطقة الشرق الأوسط مما يضع مصر خلال الـ 10 سنوات القادمة ضمن كبرى الدول الصناعية في العالم وسوف تتغير الخريطة الاقتصادية لمصر مما يقلب الموازين في الاحتياطي بالدولار.
تحذير هام
الصناعات الموجودة حالياً.. والصناعات التي تحت الإنشاء.. والصناعات القادمة من نقل تكنولوجيا وصناعات ثقيلة.. والصناعات المغذية.. في المناطق الصناعية الكبرى مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس… والصناعات الجديدة غير المتوفرة لزيادة تعميق التصنيع.
هل يوجد لها عمالة تستطيع أن تستوعب هذا الحجم الهائل من التوسع في الصناعة …؟
هذا هو السؤال الهام.
توقعاتي أننا نحتاج في العشر سنوات القادمة للصناعة إلى ما يقرب من 2 مليون فني ومهني.
الموقف في الوضع الحالي هو العجز المستمر في توفر عمالة فنية ومهنية – إنها تتناقص بشكل خطير، والعدد الموجود حالياً في مصر بدأت دول الخليج والسعودية تستوعبه بإغراءات في المرتبات تجعله يترك مصر.. فحدث تفريغ يؤثر على المصانع الموجودة حالياً ويعوق الإنتاج والالتزام بالعقود والتوريدات.
اقتراح بالحل
توجد تجارب ناجحة وهي المدارس التكنولوجية التطبيقية الحديثة التي قام بها بعض مصانع القطاع الخاص – حيث يعطي لها مبنى مدرسة صناعية من وزارة التعليم ويقوم القطاع الخاص بتأثيث المدرسة وعمل الورش والمعامل وبرامج التعليم الحديث.
وقد صرح الوزير في لقائه مع الإعلاميين تفاخراً بهذه النوعية من المدارس وقال إنه ينافس المدارس الأوروبية، نعم هذا صحيح ولكن عدد المدارس محدود جداً ولا يستطيع تغطية سوق العمل أكثر من 1% – 1272 مدرسة بالوزارة والتي فشلت في تخريج طالب مؤهل للعمل.. لم يتحدث عنها.
هذه المدارس مكدسة والماكينات والمعدات التي تم شراؤها في الـ 40 عاماً الماضية – وهذه الآلات تعتبر جديدة وحديثة وتكلفت المليارات.
اقتراحي المطلوب تنفيذه
1- التوسع في المدارس التكنولوجية والتعاون بين وزارة التعليم والقطاع الخاص الصناعي لإعطائه من 1272 مدرسة عدد 100 مدرسة مبدئياً والإعلان عنها وتوزيعها على المصانع الكبيرة ويمكن لبعض الشركات الخاصة الحصول على أكثر من مدرسة.. إذا طلبت ذلك.
2- إعطاء عدد من المدارس وليكن 30 إلى 50 مدرسة إلى وزارة الدفاع “إدارة التدريب المهني” لإدارتها وتشغيلها طبقاً لجدية القوات المسلحة في تخريج طالب يعتمد عليه.
3- الهيئة العربية للتصنيع تحصل على عدد من المدارس أيضاً، خاصة وأن الهيئة هي واحدة من أرقى الصناعات ليست المصرية بل العالمية ولديها إمكانيات بشرية وفنية تستطيع أن تنتج كل عام عدد من 1000 الى 2000 خريج يعتمد عليهم.
4- وزارة الإنتاج الحربي ولديها معاهد ومراكز تدريب مهني ناجحة تمد يد العون بالحصول على من 30 إلى 50 مدرسة حيث إن الإنتاج الحربي يتكون من 20 شركة، لو كل شركة تحصل علي عدد 2 مدرسة يمكن تخريج كل عام من 3000 الى 5000 خريج.
5- الوزارات مثل الكهرباء – البترول – الري.. اتحاد الصناعات والغرف الصناعية التابعة للاتحاد تتضامن للحصول على مدارس من وزارة التعليم.
في هذه الحالة لو استطعنا أن نحصل على 200 مدرسة من 1272 مدرسة يصبح ذلك مشروعاً قومياً لتوفير العمالة وعدم وضع الإنتاج الصناعي في تعثر.
ماذا في باقي المدارس الحكومية؟
اقترح تحويل كل مدرسة صناعية ثانوية بما لديها من مئات وآلاف الماكينات في التخصصات المختلفة، إلى وحدات إنتاجية يطلق عليها “مصانع المدارس“ بتشغيل هذه المعدات الراكدة سنوات طويلة لتدب فيها روح التشغيل والإنتاج، وفي نفس الوقت تكون قاعدة تدريبية عملية للطلاب في أيام التدريب العملي والتي تصل إلى 4 أيام أسبوعياً & عدد 2 يوم في الفصول لدراسة المواد التكنولوجية الحديثة.
إنتاج المدارس يُطرح في السوق مثله مثل أي مصنع صغير أو متوسط لبيع هذه المنتجات بأسعار شعبية لمحدودي الدخل.. وتجهيز بنشات للمدارس الجديدة في ورش النجارة وما أكثر ماكيناتها في المدارس دون تشغيلها.. تصنيع موبيليا للعرائس.. تجهيزات لمشروعات مثل مشروع كرامة.. انتاج أبواب وشبابيك بمقاساتها الاستاندر للقطاع العقاري.. ناتج الأرباح سوف يكون تخفيضاً من مطالبات الوزارة لموازنة التعليم الفني.. بل يتم صرف مكافآت للطلبة المشاركين في الإنتاج في الأربعة أيام التعليم في الورش لمساعدة الطلبة في الحياة.. وجذبهم للإنتاج والحصول على مقابل بالإضافة للتدريب العملي.
6- تشجيع الطلبة على جدية التعليم الفني والمشاركة في الإنتاج الوطني يمكن إصدار قرار بتخفيض مدة التجنيد من 2 عام الي عام واحد.
الاقتراحات والأفكار كثيرة ولكن لابد من سرعة البدء في توفير العنصر البشري الذي سوف يغطي احتياجات النهضة الصناعية الكبرى وما عدا ذلك فإننا سنقع في ورطة وتعثر لا نتخيله..
ونستطيع أن نصدر عمالة الى أي دولة في العالم.
الاقتراح الأخير..
دراسة فصل التعليم الفني عن وزارة التعليم وتأسيس هيئة عليا قومية يتكون أعضاؤها من القطاع الخاص – الإنتاج الحربي – الهيئة العربية للتصنيع – وزارة الصناعة والتعاون الدولي لإدارة هذه المنظومة وإعفاء وزارة التعليم والتي تملك أصول دولة من مبانٍ المدارس وآلاف الماكينات وقد فشلت في إنتاج خريج يصلح لسوق العمل.. مصر تحتاج تكاتف ودعم الجميع…
وتحيا مصر، وحفظ الله الرئيس عبد الفتاح السيسي.