مي منيب تكتب: دور مراكز الإرشاد الزراعية في تعزيز الإنتاج الزراعي لمصر

تسعى الحكومة المصرية، إلى تعزيز الإنتاج الزراعي عن طريق تشغيل المراكز الإرشادية الزراعية بشكل مكثف والتي تعد عنصراً رئيسياً في هذه الاستراتيجية. وتهدف هذه المبادرة، من خلال تركيزها على الأنشطة الإرشادية المتنوعة، إلى تمكين المزارعين بالمعرفة والممارسات المثلى، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين سبل العيش الريفية.

في خلال النصف الأول من شهر نوفمبر 2024، تم تنفيذ نحو 1433 نشاطاً إرشادياً متنوعاً، شملت ندوات إرشادية، حلقات نقاشية، وزيارات حقلية في 269 مركزاً إرشادياً. كما تم التعاون مع مراقبات وجمعيات استصلاح الأراضي في مختلف أنحاء الجمهورية، مما أسهم في استفادة نحو 39,450 مزارعاً في مجموعة من المحافظات مثل أسوان، الأقصر، قنا، سوهاج، أسيوط، المنيا، بني سويف، الفيوم، القليوبية، المنوفية، البحيرة، الشرقية، الغربية، الدقهلية، الإسماعيلية، دمياط، بورسعيد، كفر الشيخ، الجيزة، السويس، الإسكندرية، مطروح، شمال وجنوب سيناء، بالإضافة إلى مديرية الزراعة في النوبارية.

وأوضح الدكتور ياسر الحيمري، المنسق العام للأنشطة الإرشادية والتدريبية لمركز البحوث الزراعية، أن هذه الأنشطة شملت عدة مجالات مهمة مثل:

• المحاصيل الشتوية: ومنها القمح، قصب السكر، بنجر السكر، البصل، الفول البلدي، الفاصوليا، الثوم، البطاطس، الطماطم، الخيار، الفراولة، البسلة، الخرشوف.

• المحاصيل البستانية: مثل الموالح، الرمان، العنب، المانجو، نخيل البلح، الزيتون، والنباتات الطبية والعطرية.

• الإنتاج الحيواني والداجني: مع التركيز على طرق التربية السليمة، التغذية، والرعاية الصحية للحيوانات.

كما تم تقديم توصيات فنية متكاملة للمزارعين حول الممارسات الزراعية الجيدة، وسبل المكافحة المتكاملة للآفات والأمراض والحشائش، بالإضافة إلى طرق ترشيد استخدام مياه الري، الاستفادة القصوى من وحدات الأرض والمياه، وترشيد استخدام الأسمدة. كما شملت الأنشطة توعية المزارعين بآثار التغيرات المناخية السلبية على المحاصيل، وطرق حماية النباتات والإنتاج الحيواني من تقلبات درجات الحرارة.

كما تم عقد عدد من الندوات المتعلقة بتدوير المخلفات الزراعية، وذلك للحفاظ على البيئة وتعظيم الاستفادة من الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى إنتاج البيوجاز كأحد الحلول البيئية المستدامة.

وفي إطار تمكين المرأة الريفية، تم تنفيذ عدد من الندوات التي تهدف إلى تنمية المهارات الحياتية للمرأة في مجالات التصنيع الغذائي، الصحة الإنجابية، الثقافة السكانية، المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. وهذه الأنشطة كانت جزءاً من المرحلة الثانية من مبادرة “بنت الريف”، التي ينفذها مركز البحوث الزراعية، وتدعم خطط التنمية المستدامة في الريف المصري.

كما تم التنسيق مع قطاع استصلاح الأراضي لتنفيذ أنشطة إرشادية في مراقبات وجمعيات استصلاح الأراضي، شملت توجيه الدعم الفني للمزارعين بشأن المحاصيل الشتوية، وخاصة القمح، بالإضافة إلى العمل على ترشيد استخدام المياه، آثار التغيرات المناخية، ورعاية صحة الحيوان، مما ساعد على تحقيق أعلى استفادة ممكنة من الموارد الزراعية في هذه المناطق.

وقد شارك في تنفيذ هذه الأنشطة خبراء من التخصصات المختلفة بمركز البحوث الزراعية، ومنها معاهد الإرشاد الزراعي، المحاصيل الحقلية، البساتين، وقاية النباتات، الإنتاج الحيواني، الهندسة الزراعية، الزراعة العضوية، وتكنولوجيا الأغذية. كما ساهم العاملون الإرشاديون التابعون للإدارة المركزية للإرشاد الزراعي ومديريات الزراعة بالمحافظات في تقديم الدعم الفني للمزارعين.

من وجهة نظر اقتصادية، تلعب خدمات الإرشاد هذه دورًا حيويًا في معالجة العديد من التحديات الحاسمة التي تواجه الزراعة المصرية.

أولاً، تساهم في زيادة الإنتاجية الزراعية. من خلال نشر المعلومات حول أصناف المحاصيل المحسّنة، وتقنيات الري الفعالة، ومكافحة الآفات المتكاملة، يتم تجهيز المزارعين لتحسين عمليات الإنتاج لديهم. وهذا ينعكس على زيادة الغلات، وتحسين الجودة، وفي النهاية، زيادة دخول المزارعين.

ثانيًا، تعزز هذه الخدمات كفاءة استخدام الموارد. إن التركيز على ترشيد استخدام المياه، والاستخدام الرشيد للأسمدة، وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة العضوية واستخدام المخلفات الزراعية لإنتاج الغاز الحيوي، يعالج مباشرةً مشكلة ندرة الموارد الملحة في مصر. ومن خلال تحسين استخدام الموارد، يمكن للمزارعين تعزيز ربحيتها مع تقليل التأثير البيئي.

ثالثًا، تساهم هذه المبادرات في التنمية الريفية وتخفيف حدة الفقر. من خلال تمكين المزارعين، وخاصة النساء، بالمهارات والمعرفة الجديدة، تعزز هذه البرامج التنوع الاقتصادي وتخلق فرصًا جديدة لتوليد الدخل. ويعتبر التركيز على تمكين المرأة من خلال مبادرات مثل “بنت الريف” ذا أهمية خاصة، حيث يساهم في تحقيق المساواة بين الجنسين وتحسين الرفاه الاجتماعي والاقتصادي العام للمجتمعات الريفية.

ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه الخدمات الإرشادية على عدة عوامل. نشر المعرفة الفعال أمر بالغ الأهمية، مما يضمن وصول المعلومات إلى الجمهور المستهدف بطريقة يمكن الوصول إليها ومفهومة. وقد يتضمن ذلك استخدام التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات الهاتفية والمنصات عبر الإنترنت، للوصول إلى جمهور أوسع وتلبية أنماط التعلم المختلفة.

علاوة على ذلك، فإن التنسيق والتعاون القوي بين المركز القومي للبحوث الزراعية والوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية أمر ضروري. سيضمن ذلك دمج خدمات الإرشاد بشكل فعال مع برامج التنمية الريفية الأخرى واستخدام الموارد بكفاءة.

في الختام، يمثل تشغيل المراكز الإرشادية الزراعية بشكل مكثف خطوة حاسمة نحو تعزيز الإنتاج الزراعي وتحسين سبل العيش الريفية في مصر. من خلال معالجة التحديات الاقتصادية الرئيسية مثل ندرة الموارد وانخفاض الإنتاجية، فإن لهذه المبادرات القدرة على المساهمة بشكل كبير في النمو الاقتصادي والتنمية في البلاد. إن الاستثمار المستمر في هذه البرامج، إلى جانب التركيز على التحسين المستمر والتكيف، سيكون ضروريًا لضمان نجاحها على المدى الطويل.

الرابط المختصر
آخر الأخبار