بينما يمر اليوم ثلاثة أعوام على الغزو الروسي لأوكرانيا، وصل قادة أجانب إلى العاصمة الأوكرانية كييف، للمشاركة في إحياء الذكرى الثالثة للغزو الروسي، وذلك تزامنا مع إعلان الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات على موسكو، وتقديم مساعدات لأوكرانيا.
وفي وقت لاحق الاثنين، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين عن مساعدة جديدة لأوكرانيا بقيمة 3,5 مليارات يورو. واعتبرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يريد “استسلام” أوكرانيا.
اقتصاد روسيا
ومنذ بداية الحرب على أوكرانيا في فبراير 2022، ظل الاقتصاد الروسي محط أنظار العالم، إذ يواجه عواصف العقوبات الغربية، ويعيد رسم ملامح علاقاته التجارية، مبدياً صلابة نسبية، في وقت لم تكن فيه الطريق سهلة؛ إذ دخلت موسكو في سباق محموم للحفاظ على توازنها المالي، مستفيدة من قنوات بديلة للتجارة ومتكئة على تحالفات اقتصادية جديدة.
وسط هذه التحولات، برز قطاع الدفاع كمحرك أساسي للنمو، حيث أدى الإنفاق العسكري المتزايد إلى تعزيز الطلب الداخلي، مما خلق فرص عمل واسعة، ولو بشكل مؤقت.
الإنفاق الدفاعي
أفاد تحليل لمجموعة سيتي الأمريكية للخدمات المالية أن الحرب الأوكرانية تكلف روسيا نحو 250 إلى 300 مليون دولار يومياً.
ونقلت وكالة “بلومبرج” للأنباء عن إيفان تخاكاروف، المحلل في مجموعة سيتي، القول في تقرير أرسل بالبريد الإلكتروني إن التكاليف الإضافية التي تكبدتها روسيا بسبب العمليات العسكرية بلغت قرابة 594 مليار روبل (6.9 مليار دولار).
ووفقاً للتقرير، بلغ الإنفاق الدفاعي لروسيا في الفترة من يناير إلى أبريل 2022 ما إجماليه 8.1679 مليار روبل، مقارنة بـ5.1085 مليار روبل في المتوسط في الفترة نفسها في الأعوام من 2019 إلى 2021.
فيما تشير المعايير القياسية للنمو الاقتصادي إلى أن موسكو في وضع أفضل، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 1.3% في بداية الحرب، لكنه تعافى منذ ذلك الحين ليحقق 3.6% في كل من العامين الماضيين، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
أما الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا فقد انخفض بنسبة 36% في صيف 2022 قبل أن ينهي العام بانخفاض بلغ 28.3%، ثم تعافى إلى 5.3% في 2023 و3% في 2024، بحسب “ذا جارديان” البريطانية.
على الرغم من العقوبات الواسعة، استمرت المصانع الروسية في الحصول على المكونات والمواد الخام اللازمة لاستمرار آلة الحرب، وقد سمح تدفق الأموال من بيع النفط غير المشروع، ثم الغاز الطبيعي، والنيكل، والبلاتين، بتوسيع الجهاز الحكومي الذي كان قبل 18 شهرًا يواجه أزمة.
الاقتصاد العالمي
لا يبالغ بعض المراقبين كثيراً عندما يقولون إن حرب أوكرانيا أعادت تشكيل الاقتصاد العالمي، وأسهمت في تسريع التحول في مجال الطاقة وزيادة الميزانيات العسكرية وتعميق الانقسامات الجيوسياسية، ففي حين استفادت بعض القطاعات مثل الطاقة والدفاع، فإن التأثير الإجمال كان سلبياً في النمو العالمي والتضخم والأمن الغذائي بالنظر إلى الدور الذي كانت تشكله المنتجات الزراعية الأوكرانية التي كانت يشار إليها باسم “سلة غذاء” العالم، إذ تمثل أوكرانيا منتجاً ومصدراً رئيساً لكثير من الإمدادات الغذائية الرئيسة، ولا سيما القمح والذرة والبذور الزيتية، ومن ثم واجهت سلاسل إمدادات الغذاء العالمية اضطراباً كبيراً نتيجة للحرب.
إعادة الإعمار
ووفق أحدث تقييم متاح من قبل البنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية فإن الأضرار المباشرة للحرب في أوكرانيا بلغت 152 مليار دولار حتى ديسمبر 2023، وكان الإسكان والنقل والتجارة والصناعة والطاقة والزراعة القطاعات الأكثر تضرراً، وقدر البنك الدولي والحكومة الأوكرانية الكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار والتعافي بنحو 486 مليار دولار حتى نهاية ديسمبر من العام الماضي، وهذا الرقم أعلى بنحو 2.8 مرة من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا في عام 2023، وفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد.