الدكتورة لمياء عوض تكتب: التنمية المستدامة.. شعارات براقة تكشف كذب النوايا

في عام 2015 اجتمعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تضمنت 17 هدفًا و169 غاية و231 مؤشرًا فريدًا.

تهدف هذه الخطة إلى توجيه السياسات العالمية والوطنية لإشاعة الاستدامة وفتح آفاق جديدة لسد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. ومع ذلك، في سياق الأهداف المعلنة، تتعلق الأبعاد الأساسية بتحسين جودة الحياة، بما في ذلك الحق في التعليم الجيد، الصحةالجيدة، المساواة بين الجنسين، العمل الائق ،الابتكار، والحفاظ على البيئة، السلام والعدالة. وقد وقعت 193 دولة على هذا الالتزام، مما أعطانا الأمل في أن تكون هذه الأرقام والأسس دليلاً نحو مستقبل أفضل. ,و بالرغم من ان توقيع الدول على وثيقة التنمية المستدامة عام 2015، غير ملزم قانونيًا، ولكنه يفرض عليها التزامًا سياسيًا وأخلاقيًا لتحقيق هذه الأهداف. إلا أن الأحداث الراهنة تعكس فجوة واسعة بين هذه الالتزامات، وما يحدث فعليًا على الأرض.و يكشف بشكل صارخ زيف هذه الشعارات البراقةو تناقضها.

فتأتي الحرب على غزة لتكون دليلاً ساطعًا على هذا التناقض المروع. فبينما تدعو الدول إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، نجدها في الواقع تدعم القتل والتشريد، مما يفضح نفاق ممارساتها. الآلاف من الأرواح تُزهق، وعائلات تُهجّر وتُجرد من هوياتها الوطنية، لتصبح حياة أصحاب الأرض معاناة مستمرة في الشتات. هذا المشهد يتم بمباركة قوى عالمية تدعي مساندة حقوق الإنسان، بينما تدوس على هذه الحقوق في الميدان.

على الجانب الآخر، لم تسلم البيئة من تداعيات هذه الحروب. فالأسلحة الفتاكة المحرمة دوليًا التي تستُخدم في العدوان على غزة تدمر كل ما هو أخضر ويابس، وتلحق ضررًا جسيمًا بالنظام البيئي في المناطق المجاورة. فالصواريخ، التي تسقط في البر والبحر، تؤثر سلبًا على مواطن الحياة البرية والبحرية، مهددةً التوازن البيئي في المنطقة.

يُمثل ما يحدث اليوم نسفًا فعليًا لمفهوم التنمية المستدامة، الذي تحول إلى مجرد شعار يُستغل لتجميل السياسات الغربية، وفي أحيان كثيرة يُستخدم لتبرير الجرائم والانتهاكات. التنمية المستدامة ينبغي أن تُعتبر أساسًا لبناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل والعدالة، وليس مجرد كلمات تزين سياسات غير أخلاقية.

فهل ستستمر هذه الدول في التظاهر بأنها “لا تكذب، لكنها تتجمل”؟ إن الحقيقة قاسية ولكنها واضحة للراغبين في رؤيتها. يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية، تتجاوز الكلمات والشعارات، وتتحول إلى أفعال تدعم حقوق الإنسان وتساهم في رفاهية الجميع.

ختاماً، يجب علينا أن نعيد تقييم القيم والمبادئ التي تتبناها الدول، حيث إن حقوق الإنسان والتنمية المستدامة ليست مجرد شعارات تُستخدم للنفاق السياسي، بل هي حقوق أساسية يجب احترامها وتعزيزها في كل أنحاء العالم. لتحقيق هذه الأهداف، يتوجب علينا العمل على إنشاء بيئة حقيقية تشجع على العدالة والاحترام المتبادل، لنصنع عالمًا أفضل للجميع.

الرابط المختصر
آخر الأخبار