المعادن النادرة.. «كنز» تشتد المنافسة عليه في التكنولوجيا المتقدمة

في السنوات الأخيرة، دفعت تحولات الاقتصاد العالمي نحو قطاعات التكنولوجيا والصناعات المتقدمة إلى ازدياد أهمية المعادن النادرة، مما جعلها مجالًا قويًا للمنافسة بين أكبر الفاعلين في الاقتصاد العالمي.

وتتكون المعادن النادرة من مجموعة من العناصر المستخدمة في تصنيع المغناطيسات عالية القوة، وتشمل التيتانيوم، والليثيوم، والبيريليوم، والمنجنيز، والجاليوم، والجرافيت، والكوبالت، وغيرها.

أهمية المعادن النادرة

وترجع أهمية المعادن النادرة إلى كونها عنصرًا رئيسيًا في مختلف الصناعات الحديثة، مثل الصناعات العسكرية، وأشباه الموصلات، والهواتف المحمولة، وبطاريات السيارات الكهربائية، والطاقة المتجددة، بما في ذلك توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية.

اتفاق المعادن الأوكرانية

في الثالث من فبراير الماضي، أثار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قضية اتفاق المعادن النادرة مع أوكرانيا، وسرعان ما تبيّن أنه يسعى إليها أكثر من رغبته في وقف الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات، حيث أصبحت هذه المعادن ورقة مساومة رئيسية أمام كييف للحصول على دعم واشنطن بالمال والسلاح.

يستهدف ترامب نحو 50% من تلك المعادن، أو ما قد تصل قيمته إلى 500 مليار دولار، إذ إن أوكرانيا مدينة أصلًا للولايات المتحدة بمبلغ 300 مليار دولار على مدار سنوات الحرب.

ووفقًا لمسودة مسربة نشرها موقع “أكسيوس” الأمريكي، يقضي الاتفاق بإنشاء ما يُعرف باسم “صندوق إعادة الإعمار”، الذي ستديره الدولتان بشكل مشترك، بهدف الاستثمار في مشاريع داخل أوكرانيا، وجذب الاستثمارات لتعزيز التنمية، بما في ذلك مجالات التعدين والموانئ.

كما تنص الاتفاقية على أن “مساهمات حكومة أوكرانيا في الصندوق ستستمر حتى تصل إلى 500 مليار دولار، وستساهم بمبلغ يعادل ضعف المبلغ الذي تقدمه الولايات المتحدة بعد تاريخ هذا الاتفاق”.

أنواع المعادن الأوكرانية

تمتلك أوكرانيا بعضًا من أكبر احتياطيات العالم من المعادن النادرة، مثل التيتانيوم والليثيوم، التي لم تُستغل بالكامل حتى الآن، وتُقدَّر قيمتها بتريليونات الدولارات. ومع ذلك، فإن قيمتها الدقيقة وتوزيعها الجغرافي في البلاد غير معروفين للجمهور، وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

وتعتمد الولايات المتحدة إلى حد كبير على الاستيراد لتوفير المعادن التي تحتاجها، حيث يأتي معظمها من الصين. ومن بين 50 معدنًا مصنفًا كمواد بالغة الأهمية، تعتمد واشنطن بالكامل على الاستيراد لتوفير 12 معدنًا، بينما تستورد أكثر من 50% من احتياجاتها من 16 معدنًا آخر، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. في المقابل، تمتلك أوكرانيا رواسب من 22 معدنًا من هذه القائمة، بحسب الحكومة الأوكرانية.

حرب المعادن النادرة

تمتلك الصين خيارات وفيرة فيما يتعلق بالمعادن الحيوية التي يمكن استخدامها كأدوات ضغط في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

وفي ديسمبر الماضي، أعلنت بكين حظرًا يشمل مبيعات الغاليوم، والجرمانيوم، والأنتيمون، والمواد فائقة الصلابة للولايات المتحدة، إضافة إلى فرض قيود أكثر صرامة على تصدير الجرافيت. ويُرجَّح أن يكون هذا الإجراء مجرد بداية لسلسلة من القيود التصديرية، التي قد تشمل عشرات المواد الأخرى ذات الاستخدامات المتخصصة، إذا تصاعدت الحرب التجارية بين البلدين.

تمتلك الصين نسبة كبيرة من احتياطيات العالم من المعادن النادرة، وتستحوذ على الحصة الأكبر من إنتاجها. ففي عام 2023، شكّل الإنتاج الصيني 68.6% من إجمالي الإنتاج العالمي، بينما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بنسبة 12.3% فقط.

المعادن النادرة والاقتصاد الأمريكي

تعتبر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية معادن الليثيوم والجرافيت ضرورية للاقتصاد والأمن القومي الأمريكي، فيما تُعدّ الصين المنافس الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة على الساحة العالمية، وأكبر منتج للجرافيت، كما أنها تهيمن على معالجة كميات هائلة من الليثيوم.

العناصر الأرضية النادرة

كانت العناصر الأرضية النادرة جزءًا من النزاعات التجارية السابقة بين واشنطن وبكين، حيث أوقفت الحكومة الصينية العام الماضي تصدير مجموعة من التقنيات المرتبطة بمعالجة هذه العناصر، ما صعّب على الولايات المتحدة وحلفائها تأمين إمدادات المواد الخام الاستراتيجية.

وفي حال توقيع اتفاق المعادن النادرة الأوكرانية، ستتولى وزارتا الخزانة والتجارة الأمريكيتان، إلى جانب مكتب نائب الرئيس، وضع التفاصيل الخاصة بالترتيبات، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الأوكرانية.

الرابط المختصر
آخر الأخبار