لبنان بين إعادة الإعمار بعد الحرب وإنعاش الاقتصاد

يحتاج لبنان لنحو 11 مليار دولار لتحقيق التعافي وإعادة الإعمار في أعقاب الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي يرصد الأضرار والخسائر والحاجيات في عشر قطاعات رئيسية، تم إعداده بناء على طلب من الحكومة اللبنانية.

يُعاني لبنان من أزمة اقتصادية منذ عام 2019، وتفاقمت الأوضاع أكثر بسبب الحرب الأخيرة مع إسرائيل. وتتطلع البلاد الآن للمستقبل بعد انتخاب جوزيف عون رئيساً جديداً بعد فترة فراغ منذ أكتوبر 2022.

وقدر البنك الدولي أن قطاعات البنية التحتية تتطلب تمويلات من القطاع الحكومي بما بين 3 إلى 5 مليارات دولار، بينما تحتاج قطاعات الإسكان والتجارة والصناعة والسياحة لتمويل من القطاع الخاص يتراوح بين 6 و 8 مليارات دولار.

تحديات أمام حكومة سلام

أخيرا وبعد أكثر من عامين على فراغ رئاسي، تمكن مجلس النواب اللبناني في الـ 9 من يناير 2025 الماضي، من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وهو قائد الجيش اللبناني السابق جوزيف عون.

وبعد ذلك بنحو شهر تشكلت حكومة جديدة برئاسة نواف سلام الذي شغل سابقا منصب رئيس محكمة العدل الدولية. ويبدو أن الانتخاب والتشكيل انعشا الآمال بقدرة بلاد الأرز على البدء بمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ خمس سنوات.

فيما يشكل هذا النظرة الإيجابية التي بدأت تتبلور من جهة مستثمرينومنظمات دولية مانحة تجاه مناخ العمل والاستثمار في البلاد. ويعزز هذه النظرة التحول التاريخي الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط على ضوء سقوط نظام بشار الأسد ووقف إطلاق النار في لبنان وقطاع غزة.

لبنان بعد الحرب

وأدى العدوان الإسرائيلي على لبنان، إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للبنان بنسبة 7.1% في العام الماضي، وهي انتكاسة كبيرة مقارنةً بنسبة النمو المقدر بنحو 0.9% حال عدم وقوع الحرب، بحسب البنك الدولي.

التقديرات وردت ضمن تقرير “التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في لبنان” لعام 2025 (RDNA)، والذي يُقيم الأضرار من الفترة الممتدة من 8 أكتوبر 2023 حتى 20 ديسمبر من العام الماضي.

وقالت المؤسسة المالية الدولية إن التكلفة الاقتصادية للصراع في لبنان تقدّر بنحو 14 مليار دولار. ويأتي الإسكان ضمن القطاعات الأكثر تضرراً، حيث تُقدر الأضرار فيه بنحو 4.6 مليار دولار. ومن حيث النطاق الجغرافي، فإن محافظتي النبطية والجنوب هما الأكثر تضرراً، تليهما محافظة جبل لبنان، التي تضم ضاحية بيروت الجنوبية.

بينما قدر التقرير الانخفاض التراكمي في إجمالي الناتج المحلي للبنان منذ عام 2019 بنحو 40% وهو ما يُفاقم آثار الركود الاقتصادي متعدد الجوانب، فضلا عن الآثار السلبية على آفاق النمو الاقتصادي في البلاد، بحسب البنك الدولي.

دعم أوروبي مشروط

ونفي نهاية فبراير الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن استعداده لصرف 500 مليون يورو لدعم قطاعات خدمية أساسية كالتعليم والصحة ومن أجل مكافحة الهجرة، حيث يشكل المبلغ نصف مجمل مساعدات بقيمة مليار يورو أقرتها بروكسل العام الماضي. غير أن الاتحاد أضاف بأن تقديم هذا المبلغ مرهون بإعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بهذا الخصوص. وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا شويتزا أن النصف المتبقي بقيمة نصف مليار يورو تم دفعه في أغسطس من العام الماضي.

إعادة أموال المودعين

فصّل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، قضية الودائع العالقة في المصارف منذ الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في 2019، مؤكدا أن الخطة التي يُفترض أن تحدد الأطراف المسؤولة عن إعادة هذه الأموال وكيفية القيام بذلك.

المنصوري أشار إلى أن هذه القضية تشمل 4 أطراف هم: المودعون، والمصارف، والمركزي، بالإضافة إلى الحكومة. واعتبر أن المودع لا يتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وأن الأطراف الثلاثة الأخرى هي من يجب عليها تحمل الأعباء.

وتوصلت السلطات اللبنانية وفريق من خبراء صندوق النقد الدولي منذ أبريل 2022 إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن اتباعها للاستفادة من “تسهيل الصندوق الممدد” بما يعادل 3 مليارات دولار أمريكي.

الرابط المختصر
آخر الأخبار