نحو المساعي لتأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، شنت الولايات المتحدة مساء السبت عشرات الغارات الجوية على اليمن للحد من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران. ورأت واشنطن أن الغارات تأتي دفاعا عن المصالح الأمريكية، واستعادة حرية الملاحة البحرية.
تهديد مستمر
وقالت القيادة الوسطى الأمريكية إنها تواصل عملياتها ضد جماعة الحوثي في اليمن، فيما أعلنت الجماعة استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “هاري ترومان” للمرة الثانية خلال 24 ساعة.
وبثت القيادة الوسطى الأمريكية فيديو يظهر إقلاع مقاتلات أمريكية من إحدى حاملات الطائرات لشن هجمات ضد مواقع تابعة لجماعة أنصار الله في اليمن.
وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام تابعة لجماعة أنصار الله بأن غارتين أمريكيتين استهدفتا فجر اليوم الاثنين محلجا للقطن بمديرية زبيد بالحُديدة غربي اليمن، كما استهدفت بغارة أخرى المجمع الحكومي في مديرية الحزم بمحافظة الجوف، شمال شرقي اليمن.
في المقابل، قال المتحدث باسم أنصار الله الحوثيين يحيى سريع، إن قواتهم استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “هاري ترومان” للمرة الثانية خلال 24 ساعة. وجدد المتحدث التزام الجماعة بمنع ملاحة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات حتى رفع الحصار عن قطاع غزة.
تحذيرات أممية
في غضون ذلك، طالبت الأمم المتحدة واشنطن والحوثيين بوقف التصعيد “الذي يهدد بمفاقمة التوترات الإقليمية”. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش في بيان “ندعو إلى أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية”.
وأضاف أن “أي تصعيد إضافي قد يفاقم التوترات الإقليمية، ويؤجج دورات الانتقام التي قد تؤدي إلى مزيد من زعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتشكل مخاطر جدية على الوضع الإنساني المتردي أصلا في البلاد”.
ترامب يحذر
فيما حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين، برد “قوي جداً” إذا شنوا هجمات جديدة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستنظر إلى أي هجوم من الجماعة باعتباره هجوماً من إيران.
وقال ترامب في منشور على موقع “تروث سوشيال”، إنه “من الآن فصاعداً، سيُنظر إلى كل طلقة من الحوثيون، على أنها طلقة من أسلحة وقيادة إيران، وستتحمل إيران المسؤولية وستتحمل العواقب، وستكون هذه العواقب وخيمة”.
وأضاف ترامب: “أي هجوم أو رد آخر من قبل الحوثيين سيواجه بقوة كبيرة”، معتبراً إيران”لم تفقد السيطرة” على الجماعات المرتبطة بها، واتهمها بتقديم التعليمات للحوثيين “في كل خطوة”، و”تقديم الأسلحة، وتزويدهم بالمال والمعدات العسكرية المتطورة للغاية، وحتى المعلومات الاستخباراتية”.
تهديد الملاحة البحرية
كما ذكر البيت الأبيض أن هجمات الحوثيين تسببت في تحويل مسارات 60% تقريبا من السفن المرتبطة بالاتحاد الأوروبي إلى أفريقيا بدلا من البحر الأحمر، وأن هجمات الحوثيين على الشحن البحري منذ عام 2023 تسببت في تأثير سلبي مستمر على التجارة العالمية والأمن الاقتصادي الأمريكي.
ودفعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، الكثير من الشركات إلى تعليق مرور سفنها عبر المضيق أو اتخاذ مسارات بحرية أطول بالتوجه نحو رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي زاد تكاليف الشحن.
ومع تزايد الهجمات التي استهدفت السفن الإسرائيلية أو المتجهة نحو إسرائيل، ارتفعت تكاليف التأمين على السفن العابرة في المنطقة بشكل ملحوظ. وما زاد الأعباء المالية على الشركات التجارية، وزاد الأمر سوءا توسيع الحوثيين الحظر ليشمل السفن الأمريكية والبريطانية بسبب استهداف دولهم الحوثيين بضربات جوية خلال العام الماضي.
باب المندب
ويُعَدّ مضيق باب المندب من أهم الممرات البحرية لنقل النفط عالميا، حيث بلغ متوسط تدفقات النفط عبر المضيق عام 2023 حوالي 8.8 ملايين برميل يوميا. وفي عام 2024 شهدت تدفقات النفط تراجعا حادا بنسبة 54% خلال الأشهر الثمانية الأولى، حيث انخفض المتوسط إلى نحو 4 ملايين برميل يوميًا حتى أغسطس، مقارنة بـ 8.7 ملايين برميل يوميا للفترة نفسها من عام 2023.
هذا الانخفاض الكبير في عام 2024 يُعزى إلى تصاعد الهجمات على السفن في المنطقة، مما دفع العديد من شركات الشحن إلى تجنب المرور عبر المضيق.
ارتفاع أسعار النفط
ارتفعت أسعار النفط ،اليوم، بعد أن صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة ستُحمّل إيران مسؤولية أي هجوم مُستقبلي يشنّه الحوثيون، الجماعة المسلحة في اليمن التي شنّت هجمات متكررة على السفن التجارية.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بمقدار 40 سنتاً، أي بنسبة 0.6 في المائة، لتصل إلى 67.58 دولار للبرميل. وارتفع خام برنت القياسي العالمي بمقدار 44 سنتاً، أي بنسبة 0.62 في المائة، ليصل إلى 71.02 دولار للبرميل، وفق شبكة “سي إن بي سي”.