أطلقت كاسبرسكي، الشركة العالمية الرائدة في مجال الأمن السيبراني والخصوصية الرقمية، تحذيراً بشأن تنامي التهديدات الرقمية التي تطال الأطفال والمراهقين في مصر، داعيةً إلى تبني نهج متكامل يجمع بين أدوات الرقابة الذكية والتواصل الأسري الفعّال.
تأثير المحتوى الرقمي على النشأة النفسية والمعرفية
وتأتي هذه التحذيرات عقب الضجة التي أثارها مسلسل Adolescence على منصة نتفلكس، والذي يتناول في أربعة أجزاء قصة فتى يبلغ من العمر 13 عامًا يتعرض لسلسلة من المضايقات الرقمية والانخراط في مجتمعات سامة عبر الإنترنت، ما يقوده في النهاية إلى اتهامات جنائية. ويطرح المسلسل تساؤلات مهمة حول مدى وعي الأهل والأبناء بالمخاطر الرقمية، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على السلوكيات النفسية والاجتماعية للمراهقين.
وأظهرت أبحاث كاسبرسكي أن أكثر من 55% من الأطفال في مصر يحصلون على أول جهاز ذكي – سواء كان هاتفاً أو جهازاً لوحياً – بين سن 3 إلى 7 سنوات، وهي مرحلة مبكرة لا تكون فيها القدرات المعرفية والنفسية مكتملة بعد للتعامل مع التفاعلات الرقمية.
الفجوات الأسرية في التوعية الرقمية
ورغم الفوائد التعليمية والاجتماعية للتقنيات الحديثة، فإن غياب الإرشاد المناسب قد يجعل الأطفال عرضة لتجارب رقمية سلبية، مثل التعرض لمحتوى غير لائق أو ضغوط المقارنات الاجتماعية أو سلوكيات عدوانية من الأقران.
وحذّرت كاسبرسكي من أن ما يقرب من ربع أولياء الأمور في مصر (22%) لم يناقشوا مع أبنائهم قواعد السلامة الرقمية، مما يخلق فجوات معرفية خطيرة في بيئة الإنترنت.
التنمر السيبراني: تهديد خفي ومستمر
فأحياناً، يبدأ الطفل بمشاهدة مقاطع فيديو بريئة، ليجد نفسه – بعد بضع نقرات – أمام محتوى عنيف أو إباحي دون رقابة أو وعي بالأثر النفسي المترتب على ذلك.
وأشار التقرير إلى أن التنمر السيبراني يُعد من أكثر التهديدات وضوحًا وصعوبة في الاكتشاف، إذ يحدث عبر منصات رقمية مألوفة ويصعب على الأهل مراقبته، خاصةً عندما يتم في محادثات خاصة أو مجموعات مغلقة.
الانعزال الرقمي وظهور المجتمعات السامة
ويؤدي استمرار هذه السلوكيات إلى زيادة العزلة الرقمية لدى المراهقين، ما يدفع بعضهم للجوء إلى منتديات رقمية مجهولة أو مجموعات تشجع السلوكيات المؤذية وتستغل هشاشتهم النفسية.
ودعت كاسبرسكي إلى ضرورة التحول من “العزلة الرقمية” إلى “الحوار الرقمي”، مشددة على أهمية بناء علاقة قائمة على الثقة بين الأهل وأبنائهم، تتيح للمراهقين التعبير عن تجاربهم الرقمية دون خوف أو إصدار أحكام.
أهمية الحوار المشروط بالتوجيه التقني
وأكدت أن الاكتشاف المبكر للتهديدات – من روابط التصيّد إلى المضايقات – يعتمد بالدرجة الأولى على شعور الطفل بالأمان داخل محيطه الأسري.
وفي الوقت ذاته، شددت كاسبرسكي على أن الحوار وحده لا يكفي، خاصةً في ظل اتساع وتعقّد التهديدات السيبرانية، مؤكدة أهمية الاستعانة بأدوات الرقابة الأبوية الذكية مثل تطبيق Kaspersky Safe Kids.
التحذير من حملات تصيّد تستغل المحتوى الرائج
ويتيح التطبيق للأهل مراقبة الأنشطة الرقمية لأطفالهم، وتلقي إشعارات فورية عند حدوث سلوكيات مقلقة، وضبط استخدام الشاشات، وتتبع الموقع الجغرافي، بما يضمن تجربة رقمية آمنة وإيجابية.
وفي تطور مقلق، أشار باحثو كاسبرسكي إلى رصد صفحات تصيّد احتيالي تستغل شهرة مسلسل Adolescence عبر تقديم روابط لتحميل الحلقات مجاناً، لكنها في الحقيقة توزع برمجيات خبيثة تستهدف المستخدمين.
بناء الثقة كجدار الحماية الأول
وفي هذا السياق، قال أندري سيدينكو، خبير الخصوصية الرقمية في كاسبرسكي:
“ما يصوره مسلسل Adolescence بدقة مؤلمة هو أن التهديد لا يكون دائماً تقنياً بحتاً كالفيروسات أو الاختراقات. أحياناً، يتسلل الخطر في صورة فقدان تدريجي للثقة، حين يشعر الطفل بأمان أكبر في البوح بمشاعره داخل منتديات مجهولة بدلاً من عائلته. هذا الصمت الرقمي قد يكون الأرضية التي تنمو فوقها المخاطر الأكبر. لذا لا ينبغي أن تُبنى السلامة الرقمية على المراقبة فقط، بل على الحوار المفتوح والدعم العاطفي.”
توصيات عملية من كاسبرسكي للأهالي
ولضمان بيئة رقمية آمنة للمراهقين، توصي كاسبرسكي بما يلي:
- مواكبة أحدث التهديدات الرقمية والمتابعة المستمرة للنشاطات الإلكترونية للأبناء.
- إقامة حوار مفتوح حول مخاطر الإنترنت ووضع إرشادات واضحة تُراجع وتُحدث حسب العمر.
- استخدام حلول الحماية الشاملة مثل Kaspersky Safe Kids لتعزيز الأمان ومتابعة استخدام الأجهزة.
- تثبيت برامج أمنية معتمدة على أجهزة الأطفال لحمايتهم من تحميل الملفات الضارة أثناء اللعب أو التصفح