أشاد محمد البهي، رئيس لجنة الجمارك والضرائب باتحاد الصناعات المصرية، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة الخاصة بإلغاء الرسوم المفروضة من الجهات المختلفة واستبدالها بضريبة موحدة تُحسب على صافي الأرباح، معتبرًا أن القرار يمثل نقلة نوعية في مسار تحسين مناخ الاستثمار في مصر، ويعالج أحد أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين المحليين والأجانب.
ضبابية التكاليف عائق استثماري كبير
وأوضح البهي، في تصريحات تليفزيونية، أن من أكبر العقبات أمام جذب الاستثمارات إلى مصر هو غياب الرؤية الواضحة بشأن التكاليف الفعلية لتأسيس وتشغيل المشروعات.
وقال: «قضية مصر الأساسية الآن هي جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وده مش هيحصل إلا لما المستثمر يعرف من البداية تكاليفه كاملة»، مشيرًا إلى أن الرسوم المفاجئة التي كانت تُفرض خلال مراحل التشغيل كانت تُحوّل الأرباح المنتظرة إلى خسائر غير محسوبة.
رسوم بلا سند قانوني وانتهاك للدستور
وأكد البهي أن كثيرًا من تلك الرسوم كانت تُفرض دون أي سند قانوني، بما يخالف الدستور الذي ينص صراحة على أنه «لا رسم إلا بقانون، ولا رسم إلا مقابل خدمة».
وأردف: «بعض الجهات الخدمية فرضت رسومًا دون غطاء قانوني، ووضعت أرقامًا من تلقاء نفسها، أحيانًا بشكل مبالغ فيه، والمستثمر لم يكن أمامه سوى الرضوخ والدفع لتسيير عمله».
من «الشباك الواحد» إلى الضريبة الموحدة
وتطرق رئيس لجنة الجمارك والضرائب إلى أن مشروع قانون الاستثمار كان قد تضمن سابقًا فكرة «الشباك الواحد» لتجميع الرسوم في جهة واحدة، هي هيئة الاستثمار، على أن تقوم بتوزيعها لاحقًا على الجهات المختصة.
وأكد أن التوجيه الجديد يطوّر هذا المفهوم بشكل أكثر فاعلية، ويحقق عدالة حقيقية من خلال تبسيط المنظومة وربطها مباشرة بصافي الأرباح المحققة.
ضريبة موحدة بنسبة ثابتة تعزز العدالة
وردًا على تساؤل بشأن ما إذا كانت الضريبة الجديدة ستُحسب بطريقة تصاعدية، أوضح البهي أن الضريبة ستكون بنسبة ثابتة تُطبّق على جميع الكيانات حسب أرباحها: «مش محتاجة تصاعدية.. اللي بيكسب 100 مليون غير اللي بيكسب مليون، النسبة واحدة، بس النتيجة بتعكس حجم الأرباح، وده هو التكافل الحقيقي».
وأضاف أن هذا النهج يُحقق شكلًا من أشكال التكافل الصناعي، إذ يساهم الكبار بنسب أكبر، مما يخفف العبء عن الكيانات الصغيرة. وتابع: «الصغير اللي مش قادر يدفع رسوم كبيرة، النظام الجديد هيساعده، لأن الضريبة دي جزء من تكلفة إنتاجه، وممكن يحسبها من أول يوم».
دعوة لإجراء دراسات دقيقة للقطاعات المختلفة
وأشار البهي إلى ضرورة إجراء دراسات دقيقة ومتأنية لتحديد الرسوم التي ينبغي ضمها ضمن الضريبة الموحدة، بحيث تراعي طبيعة كل قطاع وخصوصيته، ضاربًا المثل بقطاع الحديد والصلب، الذي قد يُطلب منه سداد ما يقرب من 500 مليون جنيه للحصول على الرخصة، بينما يدفع قطاع الدواء حوالي 100 ألف جنيه فقط لتسجيل ملف دوائي واحد.
إصلاح جذري لمنظومة الرسوم وبيئة الأعمال
واختتم محمد البهي مداخلته بالتأكيد على أن التوجه الجديد يمثل إصلاحًا جذريًا لمنظومة الرسوم والضرائب في مصر، ويبعث برسالة طمأنة قوية للمستثمرين بأن الدولة جادة في تحسين بيئة الأعمال، وتوفير مناخ استثماري أكثر شفافية وعدالة وتنافسية.