الحكومة: حق السكن محفوظ.. والمستأجرون: القانون بيقول غير كده؟
هل تعيد الدولة حساباتها في تعديلات قانون الإيجار القديم وسط الرفض الشعبي؟
وسط حالة من القلق الشعبي بسبب التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم، التي أثارت جدلاً واسعًا في الشارع المصري،فمن ناحية يري المستأجرين انها قد تُهدد استقرارهم السكني، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في اسعار الإيجارات، وهو ما يضعهم أمام تحديات اقتصادية جديدة قد تؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية، ومن ناحية اخري تستعرض الحكومة اهدافها في تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين، مؤكدة حرصها علي الا تسبب التعديلات اي اذي للمستأجرين خاصة ممن ينتمون الي محدودي الدخل.
وفيما يلي تستعرض «القرار المصري» اهم ما اثير حول تعديلات قانون الايجار القديم خلال الايام الماضية..
زيادة الإيجارات
أهم بنود التعديلات هي زيادة الإيجارات بما يتماشى مع أسعار السوق العقاري الحالية. وفقًا للمادة الثانية من القانون الجديد، تم تحديد زيادة الإيجار ليصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية، مع حد أدنى للإيجار السكني قدره 1000 جنيه في المدن الكبرى و500 جنيه في القرى.
تهدف هذه الزيادة إلى تصحيح الاختلال بين أسعار الإيجارات القديمة والواقع الحالي للسوق العقاري.
التعديلات في الإيجار التجاري
بالنسبة للمؤجرين للأغراض غير السكنية، تم تحديد زيادة بنسبة 5 أضعاف القيمة الحالية للإيجار التجاري، على أن يبدأ تطبيقها من تاريخ تنفيذ القانون.
وستستمر الزيادة بشكل دوري بنسبة 15% سنويًا، بما يعكس الارتفاع المستمر في التكاليف الاقتصادية.
المدة المحددة للإخلاء
من أبرز ملامح التعديلات أيضًا تحديد مدة 5 سنوات كحد أقصى للمستأجرين الذين يتخذون من الإيجار القديم مأوى لهم. بعد انقضاء هذه الفترة، سيصبح من حق المالك إنهاء العقد وفقًا لما نصت عليه المادة السادسة من التعديلات، التي تمنح المالك الحق في الحصول على أمر قضائي لطرد المستأجر في حال رفضه مغادرة العقار.
واقع الإيجار القديم في مصر
تشير الإحصائيات إلى أن الإيجار القديم يشكل حاليًا 7% من إجمالي المباني في مصر، وهي نسبة منخفضة مقارنة بتعداد عام 2006، عندما كانت هذه النسبة تبلغ 15%. وفقًا لجهاز التعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد الوحدات التي تخضع لنظام الإيجار القديم يصل إلى 3 ملايين و19 ألف وحدة، منها 1.8 مليون وحدة سكنية و575 ألف وحدة تجارية وغير سكنية.
أعداد الأسر المستأجرة
يشير التقرير إلى أن 1.6 مليون أسرة في مصر تعتمد على الإيجار القديم للسكن، مما يعني أن أكثر من 6 ملايين شخص يتأثرون بتطبيق هذه التعديلات. هذه الأرقام تثير القلق في الأوساط الشعبية التي تخشى أن تؤدي هذه التعديلات إلى زيادة غير متوازنة في تكاليف المعيشة.
الوحدات المغلقة.. مشكلة متفاقمة
من جهة أخرى، تشير الإحصائيات إلى أن هناك نحو 118 ألف وحدة مغلقة بسبب سفر الأسر المالكة، إضافة إلى 300 ألف وحدة مغلقة لامتلاك أصحابها وحدات سكنية أخرى. هذه الأرقام تعكس مشكلة حقيقية في استغلال الوحدات العقارية وعدم استخدامها، مما يزيد من الضغط على سوق الإيجار القديم.
مواقف متباينة.. مؤيدون ومعارضون
أظهرت دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن 95% من المستأجرين يعارضون التعديلات المقترحة، معتبرين أنها تمثل تهديدًا لاستقرارهم السكني. في المقابل، يرى الملاك أن التعديلات ضرورية لضمان حقوقهم المالية، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في تكاليف الصيانة والضرائب العقارية.
التطبيق التدريجي للتعديلات
يؤكد الخبراء على ضرورة تطبيق هذه التعديلات بشكل تدريجي، مع ضمان توفير حلول تراعي الظروف الاقتصادية للأسر ذات الدخل المحدود. ويرون أن الحكومة بحاجة إلى إيجاد آلية للتسوية بين الملاك والمستأجرين لضمان عدم المساس بحقوق أي طرف، مع تقديم دعم حكومي لبعض الفئات المستأجرة لضمان عدم تأثير هذه الزيادة بشكل سلبي على استقرارهم المعيشي.
وزير الإسكان عن التعديلات
قال وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية: «نحن نسعى إلى تحقيق العدالة بين جميع الأطراف المعنية. هذه التعديلات هي خطوة ضرورية نحو تصحيح العلاقة بين الملاك والمستأجرين، مع مراعاة التغيرات الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها البلاد. نحن ملتزمون بتوفير آليات منصفة لجميع الفئات لضمان استقرار سوق الإيجار وتسهيل الحياة للأسر المستأجرة، وتوفير بيئة عقارية صحية ».
التنفيذ مع مراعاة العدالة
من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تطبيق هذه التعديلات بشكل تدريجي، مع متابعة دقيقة من الحكومة لضمان تنفيذها بالشكل الذي يحقق العدالة للجميع. الحكومة أكدت أنها ستتخذ كافة التدابير لضمان تحقيق التوازن بين الملاك والمستأجرين، دون الإضرار بأي طرف، من خلال آليات قانونية واجتماعية تضمن تنفيذ التعديلات بمرونة.
هل تعيد الدولة حساباتها ؟
في ظل الرفض الشعبي الواسع لهذه التعديلات، تطرح العديد من الأسئلة حول ما إذا كانت الدولة ستعيد حساباتها وتراجع قراراتها، أم أنها ستستمر في تنفيذ خطتها دون تراجع. فرغم المعارضة الكبيرة التي أبدتها نسبة كبيرة من المستأجرين، فإن الحكومة تشير إلى أنها ستواصل تنفيذ التعديلات باعتبارها خطوة ضرورية لضبط سوق الإيجارات وتحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين.
يبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة ستقوم بإجراء تعديلات إضافية على القانون أم ستتمسك بموقفها، خاصة في ظل التصعيد الشعبي والاقتصادي.