خبير اقتصادي لـ «القرار المصري»: صناديق الذهب تجذب المدخرين في ظل تصاعد التضخم وتقلبات الأسواق (حوار)

مع تصاعد وتيرة التضخم وازدياد التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، بات الذهب يعود مجددًا إلى الواجهة كملاذ آمن، لا سيما في صورته الحديثة عبر صناديق الاستثمار.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، لـ «القرار المصري» أن صناديق الذهب تمثل أحد أبرز الأدوات المالية التي توفر حماية للمدخرات، خصوصًا لصغار المستثمرين، لما تمنحه من سهولة في الدخول للسوق وتقليل لمخاطر التخزين والتقلبات السعرية.

وأضاف أن تزايد الإقبال عليها يعكس تحوّلًا في وعي المستثمرين تجاه أهمية تنويع الأصول.

نص الحوار:

1. كيف ترى دكتور محمد أنيس الفرق بين شراء الذهب بشكل مباشر وبين الاستثمار فيه عبر الصناديق؟

قال دكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن مقارنة بالطريقة التقليدية – وهنا يقصد شراء سبائك ذهبية – فهناك اختلاف جوهري، حيث يتولى المستثمر بنفسه مسؤولية تأمين وتخزين السبائك، وهو أمر يحمل عبئًا كبيرًا.

وتابع: أما في حالة الاستثمار عبر صناديق الذهب، فإن الصندوق يتولى تأمين وتخزين الذهب، مما يجعل العملية أكثر سهولة وأمانًا بالنسبة للمستثمر، ولذلك، يظل الاستثمار في صناديق الذهب خيارًا أفضل بكثير من الحيازة الشخصية للسبائك.

2. ما أوجه الاختلاف الجوهرية بين صناديق الذهب وأنواع الصناديق الأخرى المتاحة في السوق؟

أوضح دكتور أنيس أن هناك عدة أنواع من صناديق الاستثمار في السوق المصري، أبرزها صناديق الأسهم، وصناديق العقارات (التي توقفت حاليًا وقد تعود)، وأخيرًا صناديق الذهب التي تُعد الأحدث.

وقال إن مخاطر هذه الصناديق تختلف حسب طبيعة كل نوع، فصناديق الأسهم هي الأعلى مخاطرة لكنها أيضًا الأعلى عائدًا على المدى الطويل.

وأضاف: في المقابل، صناديق الذهب تتمتع بعائد مرتفع في ظل ظروف اقتصادية معينة مثل التضخم أو الأزمات العالمية، كما حدث خلال العام الماضي، حيث حقق الذهب ارتفاعًا كبيرًا فاق مؤشرات كبرى مثل S&P 500.

3. ما مدى ملاءمة البيئة الاقتصادية الحالية لدعم نمو صناديق الذهب في مصر؟

أكّد دكتور أنيس أن البيئة الحالية مشجعة جدًا لهذه الصناديق، نظرًا لحالة الاضطراب الجيوسياسي في الإقليم، والتوترات في التجارة العالمية، خاصة مع إدارة ترامب الجديدة، ما يزيد من الإقبال على الذهب كملاذ آمن.

كما أن التضخم المرتفع محليًا وعالميًا يدفع المستثمرين للبحث عن مخازن للقيمة مثل الذهب والعقارات، ما يجعل الاستثمار في صناديق الذهب خيارًا منطقيًا في الظروف الراهنة.

4. لماذا يُعتبر الذهب وسيلة فعالة للتحوّط من التضخم وتقلبات أسعار العملات؟

قال دكتور أنيس إن الذهب يُصنَّف كمخزن للقيمة، لا كأداة استثمارية، لأنه لا يُدرّ عائدًا، عكس الأسهم أو العقارات، لكنه يتميز بقدرته على الحفاظ على قيمته، بل وزيادتها بمعدلات تفوق نسب التضخم أو انخفاض العملة المحلية مقابل الأجنبية.

وأضاف أن الذهب، رغم أنه لا يحقق دخلاً مباشرًا، فإنه يبقى ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطراب الاقتصادي، ويؤدي وظيفة التحوّط بكفاءة عالية.

5. من الفئات التي يمكن أن تستفيد من الاستثمار في صناديق الذهب؟ وهل هو مناسب للجميع؟

شدّد دكتور أنيس على أن صناديق الذهب مناسبة لجميع الفئات، من صغار المدخرين إلى كبار المستثمرين، ولكل من يسعى لحفظ قيمة أمواله أو التحوّط ضد التضخم وتذبذب أسعار الصرف.

وأكد أن المحافظ الاستثمارية الكبرى عالميًا لا تخلو من الذهب، بجانب الأسهم والعقارات، باعتباره مكوّنًا أساسيًا ضمن استراتيجية تنويع الأصول.

6. ما أبرز العقبات التي تواجه هذه الصناديق في السوق المحلي؟

قال دكتور أنيس إن أكبر التحديات تكمن في البيروقراطية، التي وصفها بأنها معيقة ومترسخة في المنظومة الإدارية، مؤكدًا أنها لا تتعلق بالموظف البسيط بل بالأفكار الحاكمة التي توجه الإدارة ككل.

ورغم أن أول صندوق استثمار في الذهب حقق نجاحًا استثنائيًا بفضل الظروف الاقتصادية العالمية المثالية، فإن السوق لا يزال بحاجة لتوسيع هذه التجربة، وهو أمر يصطدم غالبًا بالتعقيدات الإدارية وضعف الإتاحة.

7. كيف تتوقعون تطور صناديق الذهب خلال الفترة المقبلة؟

أشار دكتور أنيس إلى أن نجاح أول صندوق استثمار في الذهب يُعد مؤشراً قويًا على حاجة السوق إلى المزيد من هذه الصناديق.

وتوقع أن يستمر الإقبال عليها، خاصة في ظل بيئة تضخمية مرتفعة واضطرابات السياسة العالمية.

ولفت إلى أن الأفراد باتوا أكثر وعيًا بضرورة حماية مدخراتهم، ما يعزز فرص التوسع في هذا النوع من الاستثمارات.

8. ما أبرز النصائح التي توجّهونها للمستثمرين الجدد الراغبين في دخول مجال صناديق الذهب؟

قدّم دكتور أنيس ثلاث نصائح رئيسية، وهي كالآتي:

  • أولًا، الابتعاد عن شراء الحُلي الذهبية لأنها تحتوي على معادن أخرى وتكلفة دمغة ولا تصلح للاستثمار.
  • ثانيًا، إما الاحتفاظ بالسبائك الذهبية بشكل شخصي لمن يفضّل ذلك، أو الدخول في صناديق استثمار مرخصة داخل مصر.
  • ثالثًا، الحذر من التعامل مع جهات غير مرخصة، لأن السوق شهد حالات نصب كثيرة، خصوصًا في ظل الإقبال المتزايد على الذهب، مؤكدًا أن الصناديق المعتمدة محليًا تخضع لرقابة البنك المركزي والهيئة المالية.
الرابط المختصر
آخر الأخبار