سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي..
سعادة المستشار النائب العام..
نتوجه إليكم اليوم ببلاغ مفتوح، نكتبه لا بالحبر، بل بدموع أمٍّ مفجوعة، وبنظرات أبٍ مكلوم، وبألم وطنٍ أصيب في قلبه، حين قُتل الطفل أدهم ابن الحادية عشرة ربيعًا، بغير ذنب، ولا سبب، سوى أن الغلابة في هذا البلد تُسحق تحت أقدام أصحاب النفوذ، وأن سلطة المال، إن لم تُردع بالقانون، ستواصل دهسها للعدالة.
الطفل أدهم لم يسقط من تلقاء نفسه، ولم يمت بلعبة أطفال، بل قُتل، قُتل بفعلٍ إجرامي، وبتواطؤ من حاولوا طمس الحقيقة، وبتخاذل من تقاعسوا عن النطق بما عرفه الجميع منذ اللحظة الأولى.
أدهم دخل المستشفى جثة هامدة، الأجهزة كانت ديكورًا، والقرار بإزالتها كان تنفيذًا لخطة دفن الجريمة قبل أن تُفضح.
لكن إرادة الله شاءت أن يُكشف المستور، وأن تتكلم الكاميرات حين صمتت الألسنة.
السيد الرئيس، السيد النائب العام..
هذه ليست مجرد قضية جنائية، بل قضية رأي عام، قضية عدالة مهددة، وقيم تنهار، ومجتمع في مواجهة خطر الانفلات التربوي والثقافي، حيث صارت البلطجة بطولة، والعنف تسلية، والانحطاط مادة درامية تموَّل وتُنتج وتُبث في بيوتنا كل يوم.
ما حدث للطفل أدهم هو مشهد من فيلم أشبه بـ«المواطن مصري»، حيث السلطة للمال، والحقيقة تدفن، والفقراء لا صوت لهم إلا الله.
لكننا في «القرار المصري» نرفض أن نكون شهود زور على وطن يُغتال فيه البراءة.
نطالب بمحاكمة علنية لكل من تورط في قتل أدهم، ولكل من تستر أو ضلل العدالة، أو أمر بإزالة الأجهزة الطبية لإخفاء الجريمة.
وفتح تحقيق فوري في تعامل المستشفى والطواقم الطبية مع الحالة، ومراجعة الكاميرات وتقارير الاستقبال وسجلات الدخول.
وكذلك محاسبة إعلامية وقانونية لكل من يروّج للعنف والعري والبلطجة في الدراما والإعلام، بتشريعات تضع ضوابط صارمة للمحتوى.
سيادة الرئيس.. الوطن الذي لا يحمي أطفاله، لا يستحق مستقبله، والقانون الذي لا ينتصر لبراءة طفل، لا قيمة له.
القصاص العادل، لا الانتقام، هو ما نطلبه. والعدالة الشفافة، لا التسويات الهادئة، هي ما نحلم به.
أدهم ليس فقط شهيد البراءة، بل جرس إنذار لوطن يحتاج أن يراجع نفسه، مؤسساته، ضميره الجمعي.
رحم الله أدهم، وجعل جنازته بداية لحياة لا تُقتل فيها الطفولة.