هل يهدد التضخم المرتفع استقرار الأسر المصرية واقتصاد البلاد؟

ارتفاع التضخم في مصر يضاعف أعباء الأسر ويهدد استقرار الاقتصاد المحلي

سجّل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية ارتفاعًا جديدًا ليبلغ 13.9% خلال أبريل 2025، مقابل 13.6% في مارس، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

يعكس هذا الارتفاع الجديد استمرار موجة الغلاء التي تثقل كاهل الأسر المصرية، وتزيد من الضغوط المعيشية، لا سيما على الشرائح محدودة ومتوسطة الدخل، ويمثل في الوقت نفسه تحديًا إضافيًا أمام جهود الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

ووفقًا للتقرير الشهري للجهاز، فقد ارتفع أيضًا معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 13.5% خلال أبريل، مقارنة بـ13.1% في مارس.

أما معدل التضخم الشهري، فقد بلغ 1.3% خلال الشهر، مقارنة بـ1.6% في مارس، ما يشير إلى استمرار ارتفاع الأسعار بوتيرة متصاعدة وإن كانت محدودة نسبيًا عن الشهر السابق.

الطعام والمسكن يقودان الارتفاع في الأسعار

تُظهر تفاصيل التقرير أن قسم الطعام والمشروبات سجل زيادة سنوية بنحو 6.2%، نتيجة ارتفاع أسعار عدد من السلع الأساسية، أبرزها:

1- الحبوب والخبز بنسبة 12.9%.

2- والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.9%.

3- والألبان والجبن والبيض بنسبة 5.3%.

4- كما قفزت أسعار الفاكهة بنسبة غير مسبوقة بلغت 62%.

5- في حين زادت أسعار البن والشاي والكاكاو بنسبة 7.8%.

6- والمياه الغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 22.6%.

7- أما قسم المسكن والمرافق، فقد شهد زيادة قدرها 18.4%، نتيجة ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 39.3%.

8- بالإضافة إلى ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 11.9%.

في المقابل، سجلت بعض السلع انخفاضًا طفيفًا، مثل اللحوم والدواجن بنسبة 0.5%، والزيوت والدهون بنسبة 0.7%، والسكر والمنتجات السكرية بنسبة 1.2%، وهو ما لم يكن كافيًا لتخفيف الأثر العام لارتفاع الأسعار.

الأسر محدودي ومتوسطي الدخل

يمثل هذا الارتفاع في الأسعار ضربة قوية للأسر المصرية، خاصة ذات الدخول المحدودة، التي باتت تجد صعوبة متزايدة في تلبية احتياجاتها الأساسية.

ومع ثبات أو بطء نمو الدخول، فإن القدرة الشرائية تتآكل تدريجيًا، وتدفع كثيرًا من الأسر إلى تقليص استهلاكها، أو الاستغناء عن بعض السلع الضرورية مثل اللحوم، أو تقليل الاعتماد على وسائل النقل الخاصة بسبب ارتفاع تكاليف الوقود والصيانة.

كما أن التأثير امتد ليشمل الطبقة المتوسطة، التي كانت تمثل حائط الصد أمام الفقر، إلا أنها باتت الآن مهددة بالانزلاق إلى فئة الأكثر احتياجًا، نتيجة الضغوط المتزايدة على مستوى المعيشة، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل في تكاليف التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات.

انعكاسات على الاقتصاد الكلي

يؤثر التضخم المرتفع على مؤشرات الاقتصاد الكلي، إذ يؤدي إلى ضعف الاستهلاك المحلي، وهو ما ينعكس على معدلات النمو الاقتصادي، باعتبار أن الاستهلاك يمثل أحد المحركات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي.

كما أن استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة يدفع البنك المركزي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلات مرتفعة، وهو ما يؤثر سلبًا على بيئة الاستثمار ويزيد من أعباء الدين.

إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع الأسعار يؤثر على ثقة المواطنين في النظام الاقتصادي، ويزيد من الضغوط الاجتماعية والنفسية، ما يتطلب من الدولة التعامل مع الظاهرة بمنظور شامل لا يقتصر فقط على السياسات النقدية.

ما الحل؟

يرى خبراء الاقتصاد أن مواجهة التضخم تتطلب حزمة من الإجراءات المتكاملة، في مقدمتها توسيع برامج الحماية الاجتماعية التي تستهدف دعم الفئات الأكثر تضررًا، إلى جانب تعزيز الإنتاج المحلي، وخاصة في قطاعات الغذاء والطاقة، للحد من الاعتماد على الاستيراد وتقلبات أسعار الصرف.

كما أن ضبط الأسواق ومكافحة الممارسات الاحتكارية يمثل أحد أهم الخطوات لضمان توافر السلع بأسعار مناسبة.

وتلعب الأجهزة الرقابية دورًا حيويًا في تتبع حركة الأسعار، ومنع المغالاة غير المبررة في تسعير المنتجات.

إلى جانب ذلك، فإن تنشيط قنوات البيع المخفض مثل المجمعات الاستهلاكية، وتكثيف طرح السلع في الأسواق بأسعار عادلة من خلال المنافذ الحكومية، يمكن أن يساهم في تخفيف العبء على الأسر، وتحقيق نوع من الاستقرار النسبي في السوق.

خلاصة المشهد الحالي

إن الأرقام المعلنة حول التضخم تعكس واقعًا صعبًا يعيشه المواطن المصري، وتُظهر الحاجة إلى سياسات أكثر فاعلية لضمان حماية الأسر، والحفاظ على التوازن الاقتصادي.

فاستمرار ارتفاع الأسعار دون إجراءات عملية سيؤدي إلى تفاقم الضغوط الاجتماعية، وتراجع جودة الحياة، ما يتطلب استجابة شاملة من الدولة، توازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية في آنٍ واحد.

الرابط المختصر
آخر الأخبار