على مدار نحو تسعة عقود، ظلت العلاقة بين السعودية وأمريكا قائمة على تحالفات استراتيجية عززتها المصالح المشتركة في مجالات الطاقة والاستثمار، ومنذ انطلاقتها عام 1933، شكّلت هذه الشراكة نموذجاً فريداً للتعاون بين أكبر منتج للنفط وأكبر اقتصاد عالمي.
بداية تاريخية في قطاع النفط
تعود جذور العلاقة بين البلدين (السعودية وأمريكا) إلى عام 1933، حين دخلت الشركات الأميركية للمرة الأولى قطاع النفط في السعودية، وهو ما مهد الطريق لاكتشافات نفطية هائلة وتأسيس بنية تحتية قوية لهذا القطاع.
وقد لعبت شركة «أرامكو» دوراً محورياً في هذه المرحلة، قبل أن تنتقل ملكيتها بشكل كامل إلى الحكومة السعودية عام 1980، معلنة بداية مرحلة جديدة من الاستقلالية الوطنية في إدارة الموارد الطبيعية.
اتفاقية اقتصادية شاملة عام 1974
في أعقاب أزمة النفط العالمية عام 1973، وقّعت المملكة والولايات المتحدة في عام 1974 اتفاقية اقتصادية شاملة، تضمنت التزامات استراتيجية في مجال التعاون المالي، من أبرزها استثمار السعودية في سندات الخزانة الأميركية.
مثّل هذا الاتفاق نقطة تحول في توطيد العلاقات الاقتصادية الثنائية، وربط الأمن الاقتصادي للطرفين بمصالح مشتركة عابرة للقارات.
النفط السعودي في السوق الأميركية
وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، فقد شكلت السعودية نحو 7% من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في عام 2022، وهو ما يعكس استمرار الاعتماد الأميركي على الخام السعودي ضمن مزيج الطاقة.
إلا أن هذه النسبة شهدت تراجعاً ملحوظاً مع نهاية عام 2024، حيث انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام السعودي إلى نحو 181 ألف برميل يومياً في ديسمبر الماضي، نتيجة لعدة عوامل أبرزها تنوع مصادر الطاقة لدى واشنطن، وزيادة الإنتاج المحلي من النفط الصخري.
صادرات أميركية مكررة إلى السعودية
في المقابل، كشفت بيانات مارس 2025 عن تصدير الولايات المتحدة نحو 46 ألف برميل يومياً من المنتجات النفطية المكررة إلى المملكة العربية السعودية، ما يعكس استمرار التبادل التجاري النفطي في الاتجاهين، وإن كان بصور مختلفة.
رؤية استراتيجية
رغم تقلبات سوق النفط العالمي وتغير أولويات الطاقة، تظل الشراكة السعودية الأميركية ركيزة محورية في النظام الاقتصادي الدولي.
ومن المتوقع أن تستمر في التطور لتشمل مجالات أوسع مثل الطاقة المتجددة، وتقنيات الهيدروجين، والاستثمارات المشتركة في مشروعات البنية التحتية والتحول الرقمي.