سعيد الأطروش يكتب: ترامب يعود من الخليج بالتريليونات.. وغزة تقصف وتجوع والعار على من باع القضية

عاد ترامب – كما عاد من قبل أسلافه – محملاً بجزية العصر.. تريليونات من الدولارات الخليجية، تُقدَّم على طبق من ذهب مقابل الوهم، مقابل أمن زائف لا يمنع صاروخاً عن سماء غزة ولا يرد دبابةً عن أطفالها. يرحل ترامب ضاحكاً، ويتركنا في ذلّنا، نتفرج على أشلاء الأطفال في غزة، على الجوع في رفح، وعلى خنق آخر نبضات الحياة في الأرض التي كانت وستبقى عنوان العزة.

نحن نعيش حالة من الوهن العربي لم يشهدها التاريخ الحديث. الغرب لا يحترم الضعفاء، بل يحتقرهم.

وقد أثبتت الأحداث أن المليارات التي تدفعها الدول العربية للغرب، لا تُشترى بها كرامة، ولا تُمنع بها مجازر. فأين ذهبت تلك القواعد العسكرية؟ أين اختفت طائرات الحماية الغربية؟ أم أن الدم الفلسطيني لا يُحسب في بورصة المصالح الغربية؟

ما نراه اليوم ليس مجرد قصف، بل مذابح جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم. ومع ذلك، يختار حكام العرب الصمت أو العجز، وكأن غزة ليست قطعة من قلب هذه الأمة.

نتحدث عن دبلوماسية وتهدئة وحوار، بينما يحترق الأطفال تحت الركام. أهذه هي الرجولة السياسية؟ أهذا هو مفهوم القيادة؟

تدفع بعض الدول العربية الجزية بأموالها وسيادتها، وتعتقد أن الحماية الأمريكية أو الغربية ستبني لها أمنًا، لكنها في الحقيقة تهدم كرامتها وتؤسس لذلٍ طويل الأمد.

من يحميه ترامب اليوم، قد يبتزه غدًا، وقد يبيعه في صفقة قرن جديدة لا مكان فيها لفلسطين ولا لعزة العرب.

الإنقاذ لا يأتي من الخارج، ولا من طائرات الناتو، بل من الداخل، من وعينا بأننا أمة واحدة، أن أمن غزة من أمن الرياض، وأن دماء أطفال فلسطين هي امتحان لرجولتنا وحريتنا وسيادتنا.

لا خيار لنا سوى الاتحاد.. تكامل سياسي، اقتصادي، إعلامي، عسكري، أو نبقى أشتاتًا تتخطفنا الأمم كما تتخطف النار الهشيم.

كفى تبعية مهينة، كفى دعوات سلام لا تأتي إلا بمزيد من القبور، كفى بناء العواصم الإدارية الجديدة بينما عاصمة العواصم – القدس – تُهوّد ويُخنق أهلها بالجوع والحصار.

أيها الحكام.. ما زال في الوقت بقية. أنقذوا ما تبقى من ماء وجه هذه الأمة. اجتمعوا، اتحدوا، افعلوا شيئًا. لا نطلب المستحيل، فقط نطلب أن تتصرفوا كرجال.

وللشعوب العربية نقول: لا تنتظروا المعجزات، اصنعوها. الكرامة لا تُمنح، تُنتزع. والحرية لا تُستجدى، بل تُؤخذ.

أما الغرب، فأضعف مما نظن، لكنه يعرف أننا أضعف حين نُفرّق ونستجدي ونخضع

الرابط المختصر
آخر الأخبار