انخفاض الدولار لأقل من 50 جنيهًا.. هل بدأ الجنيه المصري في التعافي فعليًا؟

شهد السوق المصري خلال الأيام الماضية انخفاضًا ملحوظًا في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري (انخفاض الدولار)، ليكسر حاجز الـ50 جنيهًا نزولًا في بعض المؤشرات، خاصة في السوق الموازية.

وأثار هذا التراجع اللافت تساؤلات عديدة حول أسبابه، ومدى استدامته، وما إذا كان يعكس تعافيًا اقتصاديًا حقيقيًا أم تحسنًا مؤقتًا ناتجًا عن ظروف استثنائية.

ما العوامل التي أدت إلى انخفاض سعر الدولار؟

1. تدفقات دولارية ضخمة

شهد الاقتصاد المصري دخول مليارات الدولارات مؤخرًا من مصادر متعددة، أبرزها الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مشروعات كبرى مثل رأس الحكمة، بالإضافة إلى اتفاقيات تمويل مع مؤسسات دولية، منها صندوق النقد الدولي.

2. تراجع نشاط السوق الموازية

كثّفت الحكومة والبنك المركزي إجراءات الرقابة على السوق الموازية، مما حد من المضاربات وساهم في تقليص الفجوة السعرية بين السعر الرسمي والدولاري الحر.

3. ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي

ارتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى ما يتجاوز 48 مليار دولار، ما عزز قدرة البنك المركزي على تلبية الطلب في السوق الرسمية وتثبيت استقرار الصرف.

4. زيادة تحويلات المصريين بالخارج

بلغت تحويلات العاملين بالخارج نحو 32.6 مليار دولار خلال عام، بنمو تجاوز 70%، وهو ما وفّر أحد أهم مصادر الدولار للاقتصاد المحلي.

5. تحسن إيرادات السياحة والصادرات

ساهم تعافي قطاع السياحة، لا سيما مع عودة الوفود من أوروبا وروسيا، بجانب نمو الصادرات وتقليص الواردات غير الأساسية، في تعزيز الفائض من العملة الصعبة.

آراء وتحليلات خبراء الاقتصاد

د. فهد جاهين

يرى الدكتور فهد جاهين، الخبير الاقتصادي، أن ما حدث خطوة إيجابية يجب عدم المبالغة في تقييمها، قائلًا إن تدفقات العملة الأجنبية وتحركات الدولة لضبط السوق لعبت دورًا محوريًا، لكنها لا تعني انتهاء الأزمة.

وأكد أن هناك تحديات حقيقية مثل التضخم المرتفع وقيود الاستيراد، تجعل الشعور بالتحسن محدودًا حتى الآن.

بلال بسيوني – خبير اقتصادي

أوضح بلال بسيوني، الخبير الاقتصادي، في تصريحات صحفية أن ما يحدث يعكس تحسنًا ملحوظًا في تدفقات النقد الأجنبي داخل السوق الرسمي، نتيجة لارتفاع الاحتياطي الأجنبي وتحويلات العاملين بالخارج.

وأضاف أن البنوك أصبحت قادرة بشكل أفضل على تلبية احتياجات الاستيراد والاعتمادات المستندية، مما خفّف الضغط عن السوق السوداء.

علي متولي – محلل اقتصادي دولي

أشار علي متولي، المحلل الاقتصادي الدولي، في تصريحات صحفية إلى أن ضعف الدولار عالميًا ساهم في تراجع سعره نسبيًا أمام عملات الأسواق الناشئة، ومنها الجنيه المصري.

وأضاف أن تحسن التوقعات تجاه الاقتصاد المصري، والتوجه نحو جذب استثمارات استراتيجية، عزز من قوة الجنيه، حتى لو كان ذلك في إطار تحسن مؤقت.

تحديات قائمة رغم التحسن

1. الطلب المستمر على الدولار: لا تزال بعض القطاعات تعتمد على الاستيراد، مما يُبقي على الطلب المرتفع للدولار.
2. معدلات التضخم المرتفعة: ارتفاع الأسعار يؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطن، ويؤخر الإحساس بأي تحسن فعلي في العملة المحلية.
3. ضرورة تحقيق استدامة: يبقى التحدي الأهم هو الحفاظ على هذا الاتجاه من خلال زيادة الإنتاج المحلي، وجذب استثمارات مباشرة حقيقية، وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي قصير الأجل.

خلاصة التحليل

انخفاض الدولار إلى أقل من 50 جنيهًا لا شك أنه تطور لافت في المشهد الاقتصادي المصري، ويعكس نجاحًا مرحليًا في إدارة أزمة النقد الأجنبي.

لكنه في الوقت نفسه لا يمكن اعتباره نهاية المطاف أو تعافيًا كاملًا، ما لم يرتكز على إصلاحات هيكلية تعزز الثقة، وترتقي بمستوى المعيشة للمواطن، وتحقق استدامة طويلة الأمد.