هل يمكن أن يصبح اليورو بديلاً حقيقياً للدولار في حرب العملات العالمية؟
تعليق الرسوم الجمركية.. بداية لتخفيف التوتر أم إشارة لحرب عملات محتدمة؟
أعلنت الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب تعليق فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى 9 يوليو 2025، في محاولة لتخفيف التوترات التجارية بين الحليفين.
لكن، هذا التهدئة المؤقتة لا تخفي حقيقة وجود صراع أعمق وأوسع نطاقًا يتركز في مجال العملات، حيث يتنافس اليورو والدولار على الهيمنة العالمية.
هل يهدد اليورو عرش الدولار؟
أثارت تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، خلال اجتماع الاثنين، جدلاً واسعاً، إذ قالت إن اليورو قد يصبح بديلًا فعالًا للدولار في النظام المالي العالمي، لكنه لن يحصل على هذا الدور بسهولة بل يجب أن “يستحقه”.
وأضافت أن التغيرات الحالية قد تفتح الباب أمام “لحظة عالمية” لليورو.
خبراء الاقتصاد ينظرون بواقعية
قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن الاضطرابات الحالية في الأسواق المالية، وضغوط أسعار السندات الأميركية، بالإضافة إلى تراجع مؤشر الدولار، قد تؤدي إلى انخفاض مؤقت في حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية العالمية.
وأوضح أن اليورو قد يشهد زيادة مؤقتة في الحصة بسبب هذه الضغوط.
لكن أنيس أشار بواقعية إلى أن اليورو لا يصلح في الوقت الحالي ولا حتى في المدى القريب ليحل محل الدولار كعملة مركزية رئيسية. وأوضح أن هناك أربعة أسباب رئيسية تحجم فرص اليورو:
1. الاتحاد الأوروبي تكتل اقتصادي وليس كياناً سياسياً موحداً مثل الولايات المتحدة.
2. الولايات المتحدة تظل القوة العظمى العالمية، والعملة الاحتياطية مرتبطة بقوة الدولة.
3. اعتماد الاتحاد الأوروبي على الولايات المتحدة في المجال العسكري يضعف قدرته على حماية عملته.
4. اعتماد اقتصاد الاتحاد الأوروبي على التصدير يجعل نموه متأثرًا بالاقتصادات الأخرى، على عكس الاقتصاد الأميركي القائم بشكل كبير على السوق المحلية.
احتياطيات العملات العالمية
تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى تراجع حصة الدولار في الاحتياطيات الدولية إلى 58% في 2024، وهو أدنى مستوى لها منذ عقود، مقارنة بحوالي 70% في عام 2000.
في المقابل، ارتفعت حصة اليورو إلى 20% في 2024 بعد أن كانت 18% في 2000، مع وصولها لأعلى مستوى عند 26% في عام 2010.
وفي الأسواق اليومية، تبلغ قيمة التعاملات بالدولار 6.6 تريليون دولار، مقابل 2.3 تريليون دولار باليورو، مما يعكس تفوق الدولار كعملة للتبادل التجاري.
تراجع الثقة بالدولار والبحث عن بدائل
شهدت الثقة بالدولار تراجعًا في ظل السياسات الاقتصادية الأميركية المتقلبة، ما دفع العديد من المستثمرين إلى تقليل حيازاتهم من الأصول المقومة بالدولار.
ولكن بدلاً من التحول إلى عملة بديلة، لجأ كثيرون إلى الذهب، في ظل غياب خيار واضح كبديل قوي وموثوق.
بينما تتنافس اليورو والدولار في ساحة العملات العالمية، يظل السؤال مطروحاً: هل يستطيع اليورو أن ينافس فعلياً الدولار على عرشه الاقتصادي العالمي؟ الواقع الحالي يشير إلى أن المعركة لن تحسم سريعًا، وأن الهيمنة الدولية تبقى مرتبطة بعوامل اقتصادية وسياسية معقدة.