الاقتصاد العالمي على حافة التوتر: من صواريخ الشرق الأوسط إلى تضخم أميركا وتقشف باكستان

في أسبوع اشتبكت فيه مؤشرات الاقتصاد بأصوات الانفجارات، تقلبت الأسواق العالمية بين الخوف والترقب، مدفوعة بتصعيد عسكري بين إسرائيل وإيران، وتحولات مفاجئة في السياسات الاقتصادية الكبرى، أعادت رسم خارطة الاستثمار العالمي وفتحت تساؤلات جادة حول مستقبل الاستقرار المالي والنقدي.

توتر الشرق الأوسط يعصف بثقة الأسواق

أنهى العالم أسبوعًا مشحونًا بتصعيد عسكري عقب الهجمات الإسرائيلية على إيران، وهو ما حوّل بوصلة الاهتمام العالمي من البيانات الاقتصادية إلى مخاوف أمنية متزايدة.

وبرغم ارتفاع أسعار النفط، فإن الأسواق التزمت الحذر في تفاعلها، وارتفع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة كملاذ آمن، بينما خالفت عوائد سندات الخزانة الأميركية التوقعات بصعودها.

هدنة تجارية أم محطة مؤقتة؟

في لندن، جرى التوصل إلى اتفاق تجاري أولي بين واشنطن وبكين، استهدف تقليص صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة.

ورغم الترحيب المبدئي، إلا أن غياب التفاصيل واستمرار الرسوم الجمركية جعلا الاتفاق أشبه بـ”تجميد مؤقت للتوتر” أكثر من كونه تحوّلًا استراتيجيًا.

هبوط مفاجئ للتضخم الأميركي

أظهرت بيانات التضخم لشهر مايو انخفاضًا غير متوقع، سواء على مستوى المستهلكين أو المنتجين، مما غيّر التوقعات بشأن أسعار الفائدة الأميركية، ورفع احتمالات خفضها مرتين خلال 2025.

كما سجل مؤشر ثقة المستهلكين الأميركيين أعلى قفزة له هذا العام، مدعومًا بتراجع التوقعات التضخمية على المدى القصير.

الذهب والنفط

سجل الذهب ارتفاعًا تاريخيًا متجاوزًا 3,400 دولار للأونصة، مدفوعًا بموجة شراء واسعة هربًا من المخاطر، في حين ارتفع النفط بنسبة 25% خلال شهر، ليستقر خام برنت عند 75 دولارًا، وغرب تكساس عند 73 دولارًا للبرميل.

الدولار بين ابتسامة السوق ومخاوف الضعف

رغم التعافي الطفيف بنهاية الأسبوع، لا يزال الدولار الأميركي يتداول قرب أدنى مستوياته منذ 2021، ما يضع علامات استفهام حول نظرية “ابتسامة الدولار”، في ظل بيئة نقدية متقلبة عالميًا، فيما تجاوز اليورو حاجز 1.15 لأول مرة منذ ثلاث سنوات.

بيانات متباينة تعيد ترتيب الأولويات

في الوقت الذي ارتفعت فيه المخزونات بالجملة وتجاوزت طلبات إعانة البطالة التوقعات، استقر عجز الموازنة الفيدرالية عند 316 مليار دولار لشهر مايو، وسط تصاعد القلق من اتساع الفجوة المالية.

تفاوت أداء الأسواق الناشئة

أظهرت الصين مزيدًا من الضعف الاقتصادي، مع تسجيل انكماش في أسعار المستهلك والمنتج، في مقابل تضخم مرتفع في المكسيك وأوكرانيا.

وسجلت اقتصادات مثل كولومبيا والبرازيل والهند إشارات على الركود، في حين واصلت السعودية أداءها القوي، مدفوعة بقطاعاتها غير النفطية.

ضبابية سياسية في الأسواق الناشئة

نجا رئيس وزراء بولندا من تصويت بسحب الثقة، بينما أعلنت باكستان موازنة تقشفية طموحة تشمل زيادات في الإنفاق العسكري.

وفي الأرجنتين، صدر حكم نهائي يمنع الرئيسة السابقة من ممارسة السياسة، وهو ما يعزز مسار الإصلاحات الجارية.

تصعيد أمني يعيد رسم المشهد العالمي

في كولومبيا، أعادت محاولة اغتيال مرشح رئاسي الضوء على التحديات الأمنية الداخلية، بينما شهدت الحرب الروسية الأوكرانية أعنف تصعيد جوي منذ اندلاعها، وسط ضربات متبادلة تثير القلق من انفجار المشهد العسكري.

هل تستطيع الأسواق الصمود؟

بين إشارات إيجابية على جبهة التضخم، وتصعيد عسكري مستمر، وتغيرات سياسية مفصلية، تجد الأسواق العالمية نفسها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على امتصاص الصدمات.

ومع تزايد هشاشة معادلة النمو والاستقرار، تبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد شكل الاقتصاد العالمي للمرحلة المقبلة.

الرابط المختصر
آخر الأخبار