سعيد الأطروش يكتب: من يضمن وعود الحكومة ؟

«وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً»
صدق الله العظيم
تعهد الدكتور مصطفي مدبولي أمام الشعب – وبشكل أكثر دقة أمام نواب البرلمان الذي من المفترض أن يكون صوت الناس وأحد أهم آليات الرقابة والتشريع – بأن تعمل الحكومة – التي أطلق عليها صفة (حكومة التحديات) – على تحقيق طموحات الشعب وتطلعات المواطن.
وهذه الخطوة الإجرائية والتي تعتبر إلى الآن شكلية طبقا لنتيجة الحكومة السابقة – والتي أطلق عليها الدكتور مدبولي نفس الوصف بأنها كانت حكومة تحديات – هذه الخطوة وضعت البرلمان والحكومة في كفة واحدة وميزان واحد والرهان هنا هل ستحقق حكومة التحديات النجاح في ملفات كثيرة مفتوحة وشائكة أهمها على الإطلاق السيطرة علي الأسعار التي توحشت وقصمت ظهر الغالبية من الناس وأيضا من بين أهم التحديات هو السيطرة على تلاعب التجار وتابعيهم من المنتفعين من الأداء الضعيف للحكومة السابقة في حماية المستهلك وضمان حقوقه.
بصفة عامة هناك عوامل بلا شك إيجابية في المجموعة الاقتصادية، ولكي أكون منصفا نصف المجموعة الوزارية لديّ أمل كبير فيهم أن يغيروا من هذه المعادلة الصعبة التي وضعنا فيها الاقتصاد في هذه الوضعية الحرجة خاصة وأن الاقتصاد الحقيقي تراجع بدرجة كبيرة ولابد من إنقاذه متمثلا في صنع سوق حقيقي تبادل تجاري وخدمي حقيقي تكون بالتبعية نتائجه حقيقية وواقعية مقارنة بدول تحقق معدلات نمو متسارعة لا تمتلك ربع إمكانيات وموارد مصر الطبيعية والبشرية، وأدعو كل قارئ للاقتصاد أن يتابع أرقام الصادرات في فيتنام ونسب معدلات النمو وفرص العمل والزيادة في متوسط الدخل نتيجة تشجيع الإنتاج والصناعة والتصدير.
عموما أتمنى كل التوفيق للحكومة الجديدة في مهمتها الصعبة ..كان الله في عون كل من تولي المسئولية ولكن اسمحوا لي أن أتوجه بسؤال حميد بنوايا مخلصة يحكمها إيماني بقدراتنا وامكانياتنا وقناعاتي بأننا لا يليق أبدا أن يكون هذا هو حال الاقتصاد المصري – سؤالي البريء: من يضمن وعود الحكومة؟

سأحاول من خلال دراساتي الإعلامية واتجاهات الرأي العام والتجارب المعروفة في هذا المجال أن أنقل إليكم بعضا من هذه الإجابة طبقا للعلم والإدارة بكل بساطة.
ضمان وعود الحكومة الجديدة يعتمد في رأيي على عدة عوامل وآليات لضمان الشفافية والمساءلة وتحقيق الأهداف المعلنة.
الأساليب المعتمدة عالميًا لضمان وعود الحكومة هو التأكد من الشفافية والمصارحة والمكاشفة وإعلاء مبدأ المساءلة من قبل الجهات الرقابية والتي من المهم ان تتابع تقدم المشاريع المعلنة من الحكومة واقرها البرلمان بخطط تنفيذ وجداول زمنية معلنة يستطيع المواطن العادي ومن حقه ان يتابع هذه الخطوات وفي حالة التأخير في التنفيذ أو لا قدر الله الفشل أن يعلم كيف ولماذا، ونشاركه في الحل تماما مثلما نضعه في قلب المشكلة ودفع الفاتورة.
بطبيعة الحال لضمان تنفيذ وعود الحكومة من المهم من تشغيل المساءلة البرلمانية فمراقبة البرلمان لأداء الحكومة واجب وتكليف من الشعب لنواب الشعب ويتم ذلك من خلال جلسات استجواب وتقارير لجنة المراجعة، فهل يقوم البرلمان بدوره الذي أنشئ من أجله؟
بصراحة لا أعول كثيرا علي ذلك وان كنت أحلم ومن حقنا أن نحلم بالتغيير الإيجابي خاصة فيما يتعلق بالأداء البرلماني في وجود قامات وكفاءات من أهم رجال الأعمال والإدارة في العالم العربي، فهل تقود هذه القامات المحترمة آلية ضمان التزام الحكومة بما وعدت، وبتنفيذ هذه الوعود؟
تبقى هنا آليات المراجعة والرقابة الشعبية المستقلة والتي يجب ان تشاركها الدولة في متابعة تنفيذ برنامج الحكومة واقترح أن تبادر الدولة بإنشاء هيئات مستقلة لمراجعة أداء الحكومة ومنح المؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني حرية أكبر لمتابعة وتقييم تنفيذ السياسات باستخدام التكنولوجيا خاصة في استخلاص النتائج ومتابعة الرأي العام والنظر إلى قنوات التواصل مع الحكومة بعين الاعتبار وإتاحة الفرصة للمواطن ان يشارك في التعبير عن وجهة نظره وتقديم رأيه بوسائل تكنولوجية أصبحت متاحة وتقدمها شركات وطنية ضاع مجهودها وابداعها بسبب اعتماد الوزير- المفوّه عمرو طلعت وزير الاتصالات في الحكومة القديمة على الشركات التكنولوجية الأجنبية في غالبية المشاريع وساعد في ذلك وزير المالية السابق الدكتور معيط في هذا الاتجاه. فهل سينحاز عمرو طلعت الجديد إلى الشركات الوطنية على عكس اتجاه عمرو طلعت القديم؟
عموما أود ان اشارككم تجربة ببريطانيا التي تغير رئيس الحكومة فيها قبل ساعات وتسلم رئيس حكومة جديدة.
فبريطانيا من الدول الرائدة في تطبيق آليات الشفافية والمساءلة لضمان تنفيذ وعود الحكومة حيث يعمل مكتب التدقيق الوطني كمراقب مستقل لأداء الحكومة، ويقوم بإجراء مراجعات دورية لتقييم فعالية وكفاءة تنفيذ السياسات العامة.
لجنة الحسابات العامة التي تتبع البرلمان البريطاني تقوم بمراجعة تقارير مكتب التدقيق الوطني، وتستدعي الوزراء والمسؤولين الحكوميين للمساءلة حول الأداء والإنفاق.
كما تلتزم الحكومة البريطانية بنشر خطط عمل مفصلة وتقارير سنوية عن التقدم المحرز في تحقيق الأهداف المعلنة.
والمجتمع المدني والإعلام يلعب دوراً مهماً في متابعة تنفيذ السياسات والمشاريع الحكومية، مما يعزز من مستوى الشفافية والمساءلة.
وتعتمد الحكومة البريطانية على نظم تكنولوجيا المعلومات لتتبع تنفيذ المشاريع، وتقديم البيانات المفتوحة للجمهور لتمكينهم من متابعة التقدم والإنجازات.
هذا والله أعلم..

آخر الأخبار