سعيد الأطروش يكتب: دولة رئيس الوزراء.. أين خطة إعادة هيكلة الاقتصاد؟

قد لا يعرف كثيرون أن الدكتور مصطفي مدبولي واحد من كبار أساتذة التخطيط في مصر.. شخصية علمية مرموقة أعتقد أن منصبه كوزير للوزراء استغرقه إلى الدرجة التي تراجعت فيه عملية التخطيط إلى مرحلة متأخرة تاركًة المهمة الأولى هو استقبال المشاكل والتعامل معها والبحث عن حلول ممكنة أو صعبة أو شبه مستحيلة وأرجو أن يتسع صدر الدكتور مصطفي مدبولي لكلماتي التي أضعها تحت عنوان المحبة والتقدير والغيرة على بلدي فلست الشخص المؤهل لأنازعه منصبه وهو من هو ولا الطامح إلى شيء مما قد يكسبه البعض من الدخول في دهاليز العمل الحكومي.

الحمل ثقيل بالفعل ولكن يا دولة رئيس الوزراء وبدون عناء البحث عن أسباب أو مسببات أو حتى تساؤلات منطقية عما نواجهه اليوم فإنه بلا أدنى شك نتيجة غياب التخطيط فمعظم ما صنعناه بأيدينا وما وضعنا في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة أننا نفذنا وسعينا واقترضنا و توسعنا في الاقتراض بلا تخطيط فهل من الممكن بعد تحديد سيادتكم لاختصاصات المجموعة الوزارية الاقتصادية أن نعود إلى الخطط الموجودة في الحكومة وهي دراسات ومخططات من المؤكد أنها نتاج عمل وفكر دؤوب من أساتذة تخطيط وتنمية عمرانية واقتصادية وانت بالفعل واحد منهم وهو ما يجعل دائما بداخلي املا كبيرا في ان الفرصة ما زالت باقية وسنمر معا وبتكاملنا وتكاتفنا وبإصلاح الإصلاح الاقتصادي نفسه ليكون إصلاحا مخططا منحازا إلى القطاع الخاص الوطني والي الصناعة المصرية والي الإنتاج الحقيقي كأداة لتحقيق تنمية حقيقية يمكن قياسها في رضا المواطن الذي تحمل كثيرا وانتظر أكثر ثمار الإصلاح .

التجارب الاقتصادية معروفة وقمنا بدراستها والتنويه إلى ضرورة استنساخ فلسفتها ولن اسمح لطموحي ان استعرض تجربة المانيا ولا فرنسا ولا حتي كوريا الجنوبية ومن قبلها الصين واليابان سأعرض كلمات بسيطة عن تجربة قريبة منا وكانت ظروفها الاقتصادية والاجتماعية في غاية الصعوبة ،ماليزيا وسنغافورة تعدان من أبرز الدول التي نجحت في تحقيق قفزات اقتصادية هائلة خلال العقود الأخيرة. 

وقد اعتمدت كل من الدولتين على فلسفة واضحة في تطوير قطاع الصناعة الوطني، مكنت من تحقيق معدلات نمو مرتفعة وزيادة تنافسيتها العالمية

واعتمدت ماليزيا على تنويع قاعدتها الصناعية، وبدأت بالاعتماد على الصناعات الزراعية مثل زيت النخيل والمطاط، ثم تحولت إلى التصنيع الثقيل والإلكترونيات. وانتجت سيارة شعبية تصدرها للعديد من الدول وشجعت صناعات أخرى على الاستثمار فيها 

 ماليزيا اعتمدت بدرجة كبيرة على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات للشركات متعددة الجنسيات

استثمرت ماليزيا بشكل كبير في تطوير البنية التحتية مثل الطرق والموانئ والمطارات، مما ساهم في تحسين بيئة الأعمال وجعلها أكثر جاذبية للاستثمار.

كما ركزت الحكومة الماليزية على تطوير نظام التعليم والتدريب المهني لتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي وقامت  إنشاء معاهد فنية وجامعات متخصصة لتدريب القوى العاملة.

أما سنغافورة فاعتمدت على التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد لتطوير قطاع الصناعة كفلسفة عامة للتنمية الحقيقية لبلد يعاني الأمراض والقمامة والجوع ولكنها من مرحلة تحت الصفر بمراحل انطلقت وبدأت بوضع خطط خمسية لتوجيه الاستثمار في القطاعات ذات الأولوية حيث ركزت سنغافورة على الابتكار والتكنولوجيا واستثمرت بشكل كبير في البحث والتطوير وإنشاء مجمعات تكنولوجية ومراكز أبحاث لجذب العقول والمواهب من جميع أنحاء العالم.

والأهم هو أن الجميع عمل لمصلحة سنغافورة والدولة تكفلت بخلق بيئة تنظيمية متقدمة تحفز على الابتكار وتدعم حقوق الملكية الفكرية وتطبيق القوانين الصارمة والشفافية في التعاملات للحفاظ على حقوق الجميع مواطن ووطن مما خلق بيئة أعمال مستقرة وجاذبة للاستثمار.

وإلى جانب الشراكات التي أقامتها الدولة مع دول وشركات متعددة أدت إلى نقل التكنولوجيا وفتح أسواق جديدة للصناعات المحلية قدمت كل من ماليزيا وسنغافورة حوافز مالية وضريبية للشركات المحلية والأجنبية لتشجيع الاستثمار في القطاع الصناعي والأهم من وجهة نظري والتي يمكن بسرعة تطبيقه هو تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وقد كان بالفعل عنصراً أساسياً في كل من ماليزيا وسنغافورة حيث تم توفير برامج دعم وتمويل وتدريب لهذه الشركات لتصبح جزءاً من سلسلة التوريد الصناعية.

أما الدعم الحكومي في كلا البلدين للاقتصاد الوطني وتشجيع القطاع الخاص كان مؤثرا من خلال  سياسات وتشريعات تشجع على النمو الصناعي وهنا فالحكومات لعبت دوراً نشطاً في توجيه الاقتصاد نحو التصنيع وتطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.

 

وبفضل هذه الاستراتيجيات، تمكنت ماليزيا وسنغافورة من تحقيق نمو اقتصادي مستدام ورفع مستوى المعيشة لمواطنيها وأصبحت سنغافورة مركزاً مالياً وتكنولوجياً عالمياً، فيما تحولت ماليزيا إلى واحدة من أكبر المصدرين للإلكترونيات والزيوت النباتية.

في هذه الفلسفة الاقتصادية الواضحة والبسيطة كان الاعتماد على مزيج من التخطيط الاستراتيجي، الابتكار، وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال التركيز على تطوير البنية التحتية والتعليم وتوفير بيئة تنظيمية داعمة تمكنت الدولتان من تحويل اقتصادها إلى نماذج ناجحة تستحق الدراسة والاقتباس بل و التقليد والاستنساخ فهل نرى هذه الرؤية يتم تنفيذها من حكومة الدكتور مصطفي مدبولي …اتمني وسنري وللحديث بقية بإذن الله.

الرابط المختصر
آخر الأخبار