عمرو رأفت يكتب.. قادرون بإختلاف

حضرت قبل أيام حفلاً لأحد دور رعاية الأيتام من ذوي الهمم ومنحهم شهادات الإعفاء من الخدمة العسكرية تيسيرًا على ذويهم من استصدار التقارير الطبية الخاصة بإجراءات الإعفاء من التجنيد.

الحفل كان بسيطًا في ملامحه مليئًا بالحيوية والنشاط والطاقة بفقرات استعراضية رياضية فنية قدمها الأطفال أبناء ذلك الدار الذي لا يدخر جهداً ويشبهه في ذلك الكثير من دور الرعاية لخدمة الأيتام من ذوي الهمم.

وما جعلني أتوقف كثيراً متأملاً بعد ختام الحفل الذي استمعت به رغم بساطته شاكراً من دعاني له لقوة الرسائل التي حملها لكل من تحمل رأسه عقولًا تفكر وتحتضن ضلوعه قلوبًا نابضة، أن أحد الحاضرين من مسئولي وزارة التضامن الاجتماعي كرر مصطلح (ذوي الإعاقة) في كلمته أمام الحفل أكثر من 7 مرات.

لا أخفيكم أنني ومعي الملايين نتعاطف مع هؤلاء من ذوي الهمم ولا أكاد استطيع أن أخفي دموعي وأنا أراهم يعطوننا دروسًا في قوة الإرادة وصلابة التحدي فهؤلاء يملكون مالا يملكه الكثير من الأصحاء.

بمجرد أن اختتم مسئول التضامن الاجتماعي كلمته، سارعت للجلوس إلى جواره هامساً في أذنه أثناء أحد استعراضات الأطفال التي كانت تتحدث عن عقيدة الجيش المصري في حماية أراضيها، وقلت له متسائلاً: هل هؤلاء الأبطال ذوي إعاقة؟.. وتركته ورحلت بعيداً حتى جاء ختام المؤتمر وفاجئني بدعوتي للحوار ليفهمني بعض الأمور.

للحقيقة الرجل كان رغم عتابه لي معتقداً أنتي أهاجم شخصه الكريم، إلا أنه كان في منتهى الحكمة وسرد أن موقعه بالوزارة يحمل بين تفاصيله مسمى رعاية ذوي الإعاقة وبالتالي هو لم بخطىء في حق أحد أو يجرح ذويه.

القيادة السياسية خصصت عامًا كاملًا لإطلاق مشروعات تخدم مصالح ذوي الهمم وأصدرت الدولة لأجلهم حزمة قوانين وتشريعات تبقى لأجيال وأجيال، وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرته التي حملت شعار “قادرون بإختلاف” والجميع صفق للمبادرة وأهدافها السامية ولكن يبدو أن من صفقوا داخل دواوين الحكومة تناسوا ما تحمله مكاتبهم ولافتات أبوابها من مسميات وظيفية تنسف فكرة القدرة وتعزز مفهوم الضعف.

إذا تأملنا قليلاً ما حققه أصحاب القدرات الخاصة من الشباب المصري خلال الأولمبياد البارالمبية وانتزاعهم الميدالية تلو الأخرى ما بين الذهب والفضة والبرونز ما جعلهم مثار حديث العالم، وهو بالمناسبة مالم يستطع تحقيقه الأصحاء الذين ذهبوا لباريس قبلها بأسابيع ولم يحصدوا سوى القليل من الميداليات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

يا سادة.. الزمن لن يتركنا نراجع أنفسنا كثيراً والمنافسة بين دول العالم أصبحت تدور في فلك أدق التفاصيل ونحن وبكل أسف نعمل بمنظور الجزر المنعزلة التي فيها نتغني بمبادرات لايدرك معناها القائمون على تنفيذها.

آخر الأخبار