واجهت تركيا في الأشهر الأخيرة تضخمًا مزدوجًا نتج عن تداخل تضخم الطلب وتضخم التكاليف، في البداية، أدى الطلب المحلي المرتفع إلى ارتفاع الأسعار، ولكن مع مرور الوقت، تفاقمت الأزمة بسبب:
– الانخفاض المستمر في قيمة الليرة التركية حيث خسرت أكثر من 15% من قيمتها مقابل الدولار منذ يناير 2024.
-أسعار الفائدة المرتفعة رغم التوجه نحو سياسة نقدية متشددة، لم تكن هذه الإجراءات كافية لتجنب الركود التضخمي.
وبدأ التضخم في التراجع منذ يونيو 2024 نتيجة لسياسات حدت من الطلب المحلي، ولكن ذلك ترافق مع ركود اقتصادي طفيفذ في الربعين الثاني والثالث من 2024، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% على أساس ربعي، مع نمو سنوي ضعيف بلغ 2.1% فقط.
التحديات الاقتصادية بمصر
ويعاني الاقتصاد المصري من ركود تضخمي مشابه للوضع التركي، لكنه يتأثر بعوامل مختلفة:
– تضخم التكاليف، ويظهر ذلك من خلال ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والسلع المدعومة مثل الخبز، وإجراءات حكومية رفعت الأسعار المدارة.
– ضعف الجنيه المصري، فرغم تعويم العملة في مارس 2024، لم تنخفض معدلات التضخم بشكل ملحوظ، حيث اعتمد التجار على تسعير السلع بالدولار وفق السوق السوداء التي تجاوزت 60 جنيهًا.
– ضعف النمو الاقتصادي، خلال نمو الناتج المحلي الإجمالي جاء أقل من التوقعات، مع استمرار ارتفاع البطالة، مما يضيف ضبابية للمشهد الاقتصادي.
التحديات المستقبلية
التحديات التركية
وسيدفع استمرار الركود في تركيا الحكومة إلى تطبيق سياسات تحفيزية جديدة، ولكن ذلك قد يعيد إشعال الضغوط التضخمية.
وتشير التوقعات إلى أن يستمر النمو الاقتصادي في التعثر حتى يتم تحقيق توازن بين التضخم والاستقرار النقدي.
التحديات المصرية
وتشير التوقعات أنه إذا تأخر البنك المركزي المصري في اعتماد سياسات نقدية ميسرة، فقد يواجه الاقتصاد مخاطر دخول حالة ركود عميق.
واوفر القاعدة المواتية (Favorable Base Effect) في 2025 فرصة لاستقرار معدلات التضخم السنوية، مع تأثيرات مؤقتة للإصلاحات الهيكلية.
التوصيات
وبالنظر للأوضاع، فمن الأفضل لكلا البلدين أن يتم تعزيز السياسات النقدية والمالية المتوازنة لتجنب تفاقم التضخم أو الركود، ودعم النمو الاقتصادي من خلال برامج تحفيز تستهدف خلق فرص عمل وتحفيز الاستثمار، وأيضًا مراقبة عوامل التضخم الهيكلية وإدارة تداعياتها على المدى الطويل لتجنب الأزمات الاقتصادية المستدامة.
التطلعات
وتشترك تركيا ومصر في تحديات متشابهة، ولكن لكل منهما خصوصيات اقتصادية تؤثر على مسار التعافي، ويكمن الفارق الأساسي في توقيت وفعالية السياسات النقدية المتبعة، التي ستحدد مدى قدرتهما على تجاوز الركود التضخمي وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.