«مصر».. كيف أصبحت القوة المؤثرة عالميا في تجارة دقيق القمح ؟

تعد مصر واحدة من أكبر الدول استهلاكًا للقمح على مستوى العالم، حيث تصل وارداتها السنوية إلى نحو 20 مليون طن، مع إنتاج محلي يقدر بحوالي 9.2 مليون طن، ورغم حجم الواردات الكبير، فإن جزءًا من هذه الكميات لا يتم استهلاكه داخليًا، بل يتم إعادة تصديره سواء في صورة قمح خام أو دقيق قمح، بفضل ما تمتلكه مصر من مرافق حديثة لمطاحن الدقيق، مما مكنها من الاستحواذ على نحو 6% من إجمالي الصادرات العالمية في هذا المجال، ويعزز من مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في سوق دقيق القمح العالمي.

صادرات مصر

ووفقا لبيانات لجنة الرقابة على الصادرات بالمجلس التصديري للصناعات الغذائية، فإن صادرات مصر من دقيق القمح على مدار العشر سنوات الأخيرة، شهدت زيادة ملحوظة، حيث سجلت صادرات مصر في 2014 نحو 46 مليون دولار، ووصلت إلى 450 مليون دولار في 2024، بنمو 15%، مما يؤكد ريادة مصر عالميا في صناعة وتجارة دقيق القمح.

الدول المستوردة

وتصدرت السودان قائمة الدول المستوردة لدقيق القمح المصري، بإجمالي 211 مليون دولار في 2024، مقارنة ب5مليون دولار في 2020، بمعدل نمو 161%، وبحصة سوقية 47%، بحجم 367 ألف طن، وجاءت مدغشقر في المركز الثاني استيرادا لدقيق القمح المصري، بإجمالي 61 مليون دولار في 2024، مقارنة ب 36 مليون دولار في 2020، بحصة سوقية 14%، بحجم 103 ألف طن، ثم الصومال بإجمالي 60 مليون دولار في 2024، مقارنة ب22 مليون دولار في 2020، بحجم 56 ألف طن.

وبالرغم من تحقيق معدل صادرات عالٍ في السودان ومدغشقر، والاستحواذ على حصة سوقية عالية، إلا أن تلك المؤشرات غير صحية تجاريا؛ لأن حدوث أي هزات في تلك الأسواق سيؤثر بدوره على توجهات الشركات المصرية ومستهدفاتها التصديرية، مثلما حدث في السودان.

وجاءت فلسطين في المركز الرابع للدول المستورة لدقيق القمح المصري، بإجمالي 54 مليون دولار، بحجم 34 ألف طن، ثم اليمن في المركز الخامس بإجمالي 46 مليون دولار، بحجم 63 ألف طن، واحتلت جيبوتي المركز السادس بإجمالي 9 مليون دولار، بحجم 11 ألف طن، ثم تشاد بإجمالي 5 مليون دولار، ثم الإمارات بإجمالي مليون دولار وغانا بإجمالي مليون دولار.

توقعات لصادرات مصر

وبحسب توقعات خريطة التجارة العالمية، من المنتظر أن يشهد قطاع الدقيق المصري نموًا ملحوظًا في صادراته حتى عام 2030، حيث يعد السوق العراقي من أبرز الأسواق المستوردة، ويتوقع أن يليه في الأهمية اليمن، ثم فلسطين، السعودية، الولايات المتحدة، جيبوتي، الإمارات، سوريا، فرنسا، غانا، كندا، إسبانيا، أيرلندا، هولندا، إنجلترا وليبيا.

وفي المقابل، تشير التوقعات إلى تراجع صادرات الدقيق في بعض الأسواق مثل السودان ومدغشقر والصومال.

وفي تعليقه على هذه التوقعات، أكد الدكتور تميم الضوي، نائب المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية، على ضرورة تنوع الأسواق التصديرية في ظل حساسية هذه السلعة التي تعتمد بشكل كبير على اللوجستيات والموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر، فضلاً عن الاتفاقيات التجارية التي توقعها مصر مع دول الجوار، مثل دول الكوميسا والدول العربية.

وبحسب بيانات التجارة العالمية، فإن مصر تتمتع بقدرات عالية تمكنها من زيادة حصة صادرات دقيق القمح في العديد من الأسواق العالمية إلى 25%.

فرص إضافية مستهدفة

ومن بين الفرص الواعدة لنمو صادرات دقيق القمح المصري، يأتي السوق العراقي في المقدمة، حيث لا توجد حاليًا صادرات مصرية إليه، لكن التوقعات تشير إلى إمكانية تحقيق 38 مليون دولار من الصادرات خلال الفترة المقبل، يليه السوق اليمني، الذي يمكن أن تصل الصادرات المصرية إلى 60 مليون دولار، مقارنة بـ 33 مليون دولار حاليًا، حيث تستحوذ على 16% من حجم السوق اليمني، مستفيدة من اتفاقيات التجارة الكبرى بين مصر واليمن، والتي تعفي الصادرات المصرية من الرسوم الجمركية البالغة 5% التي تفرضها اليمن على واردات القمح.

كما يُتوقع أن تشهد الصادرات المصرية إلى فلسطين نموًا كبيرًا، حيث تستهدف الوصول إلى 32 مليون دولار، مقارنة بـ 15 مليون دولار حاليًا، فيما استحوذت مصر على الحصة الأكبر في السوق الفلسطيني خلال عام 2023، مسجلة 46%.

وبالرغم من استحواذ مصر على الحصة الأكبر في السوق الفلسطيني، إلا أن قرارات حظر تصدير الدقيق خلال فترة جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، أثرت سلبًا على الأداء التراكمي للصادرات، مما أدى إلى تباطؤ معدلات النمو في تلك الفترة. ومع ذلك، بدأت مصر في استعادة زخم النمو بشكل قوي اعتبارًا من عام 2025، وسط توقعات بزيادة سيطرتها على السوق الفلسطيني وتعزيز مكانتها كمصدر رئيسي للدقيق في المنطقة.

وفي السوق السعودي، يُتوقع أن تحقق الصادرات المصرية نحو 17 مليون دولار، بينما من المستهدف أن تصل الصادرات إلى السوق الأمريكي إلى 13 مليون دولار، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 6.4 ألف دولار فقط، مما يعكس إمكانات كبيرة للتوسع في هذا القطاع.

السوق العراقي

ويعتمد السوق العراقي بشكل كبير على واردات دقيق القمح من تركيا وإيران، حيث يشكلان حوالي 99% من إجمالي واردات العراق من الدقيق، بإجمالي واردات 551 مليون دولار بحجم 1.2 مليون طن، بحسب بيانات خريطة التجارة العالمية.

وأوضح تميم الضوي، أن محور الشحن يعد من المحاور الأساسية والحاسمة في هذه التجارة، مشيرًا إلى أن قوة محور الشحن بالنسبة لتركيا تشكل تحديًا كبيرًا.

وقال :”إذا لم يتم توفير دعم كافٍ للشحن من مصر إلى العراق، فإن تحقيق الأرقام المستهدفة التي وضعتها خريطة التجارة العالمية سيكون أمرًا صعبًا، مما يتطلب اهتمامًا خاصًا لتحسين هذه الجوانب اللوجستية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة”.

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الصادرات

وقد تواجه تدفقات الصادرات التركية للعراق، تأثيرًا سلبيًا في حال حدوث أي توترات جيوسياسية قد تؤثر على استقرار المنطقة في الوقت الراهن، فالاضطرابات السياسية والاقتصادية قد تنعكس على حركة التجارة.

التجارة العالمية

ووفقا لبيانات خريطة التجارة العالمية ITC، فإن التجارة العالمية في دقيق القمح خلال 2023، حققت معدلات إنتاج غير مسبوقة مسجلة نحو 6.8 مليار دولار، مقارنة ب 4.9 مليار دولار في 2020 بحجم 12.4 مليون طن.

الواردات العالمية

وسجلت الواردات العالمية لدقيق القمح تحت البند الجمركي 110100، في عام 2014، حوالي 4.9 مليار دولار بحجم 10.6 مليون طن، حيث شهدت استقراراً نسبياً حتى عام 2017، وارتفعت إلى 5.2 مليار دولار بحجم إنتاج 13.7 مليون طن.

الاستهلاك العالمي

وبحسب بيانات خريطة التجارة العالمية، فإن معدل الاستهلاك العالمي بلغ ذروته في عام 2018 بكمية بلغت 13.8 مليون طن، فيما بلغ معدل الاستهلاك في 2023 نحو 13.6 مليون طن، وبلغت الكمية الإجمالية من استهلاك القمح من 2016 وحتى 2023، نحو 13.500 مليون طن.

معدلات القيمة

ونمت معدلات القيمة بشكل أسرع من معدلات الاستهلاك، بزيادة قدرها 10 % سنويا.

ومع استمرار التوجهات العالمية نحو تعزيز التجارة في هذا القطاع، تظل مصر إحدى الدول التي تتمتع بقدرة تنافسية عالية بفضل بنيتها التحتية المتطورة في مجال مطاحن الدقيق، وموقعها الجغرافي المتميز، لذا لابد من المتابعة الدقيقة للمستجدات الإقليمية لضمان استمرارية الصادرات المصرية دون عوائق.

الرابط المختصر
آخر الأخبار