د. محمد مصطفى القاضي يكتب: السوق العقاري المصري.. العشب أكثر اخضرارا في الماضي

الحنين إلى الماضي لا يعني بالضرورة أنه أفضل، ولكنه قد يكون مجرد حنين لذكريات شخصية أو ظروف نتمنى أن تعود، أو قد يكون فعلا الماضي أفضل.

إننا فقط نستطيع أن نرسم الصورة بوضوح عندما ننظر إلى الماضي، هكذا قال ستيف جوبز مؤسس شركة آبل، هو ما يعني أننا إذا نجحنا في تحليل الماضي يمكننا رسم الطريق إلى المستقبل حتى نتأكد من سيرنا في الاتجاه الصحيح وليس فقط مجرد أننا نسير بسرعة ونكرر أخطاء الماضي، ولكن بسرعة أكبر.

لا حديث في مصر إلا عن النهضة العمرانية والعقارية وكم المدن والمشروعات والوحدات السكنية وكم الخرسانات والمباني التي نفذت، ولكن هل نجرؤ ونسأل أنفسنا هل هي في الاتجاه الصحيح؟ هل أفادت المجتمع فعلا؟ ثم السؤال الأهم، هل هناك نهضة فعلا؟ هل حققنا طفرة على مستوى الأرقام؟ هل المعدلات السنوية متقدمة فعلا؟ أظن أنه آن الأوان أن نقف قليلا لنرى ونحلل رقميا ما حدث في القطاع العقاري من 2015 حتى 2024 حتى يمكننا قراءة الماضي القريب مما قد يساهم في تعديل الدفة أو دفعها في نفس الاتجاه إذا كان مناسبا.

1987_1992 كانت مصر تنتج ما يزيد عن 180 ألف وحدة سكنية سنويا في المتوسط عندما كان عدد الزيجات يصل إلى 400 ألف زيجة سنويا أي بنسبة تصل إلي 45٪ من إجمالي السوق العقاري المصري.

▪ في 2021-2022 أصبحنا ننتج ما يزيد عن 246 ألف وحدة كانت 336 ألفا في 2020-2021 وكانت 194 ألف وحدة في 2019-2020 وذلك عندما وصل عدد الزيجات السنوي إلى ما يزيد عن المليون سنويا أي بنسبة تقترب من ال 28٪.
▪ إجمالي ما نفذ في مصر من وحدات من فئة الإسكان المتميز من سنة 1982 إلى 2013 يقدر بنحو 208,695.
▪ بينما في سنة واحدة وهي 2022-2023 نفذت مصر ما يزيد عن 91 ألف وحده إسكان متميز وهو ما زيد عن 45% من إنتاج عشرين سنة.
▪ وفي المقابل من عام 1982 إلى 2013 كان الإسكان المتوسط يمثل نسبة تقترب من 48٪ من إجمالي عدد الوحدات السكنية المنتجة سنويا، بينما وصلت إلى ما يقترب من 30٪ سنويا من عام 2015-2021 ووصلت إلى 20٪ في عام 2022-2023.
الأرقام تظل أرقاما مصمتة إذا لم نعرف نسبتها من الاحتياج الحقيقي أو لم نستطع قراءتها في السياق العام ومقارنتها بالماضي وكذلك اختبار مدي القدرة علي استدامتها من كونها طفرات مؤقتة، وبعد نظرة متعمقة علي الأرقام السابقة نجد ان نسبة تنفيذ الوحدات السكنية بالنسبة لعدد الزيجات قد انخفض من 45٪ إلى 28٪ أي انخفض بمعدل 37٪ عن الفترة من 1978 :1992 وهو مؤشر فقط للوحدات السنوية للمتزوجين حديثا وليس الاحتياج الكلي للإسكان، كذلك نرى أن الدولة قد توجهت إلى الإسكان الفاخر على حساب مستويات الإسكان الأخرى حيث تم أن إجمالي ما تم تنفيذه في سنة واحدة يصل إلى نصف عدد ما تم تنفيذه من الإسكان الفاخر في ثلاثين عاما، كذلك انخفاض نسبة الإسكان المتوسط بعدما كان يشكل نصف الوحدات المنتجة سنويا إلى 30٪. و20٪ في بعض السنوات.

إن النسب فعلا مفزعة لمن يستطيع أن يقرأ الأرقام بصورة تحليلية، ليس تقليلا من مجهود أحد، ولكنه نقد ذاتي قد يساهم في جعلنا نسير في الاتجاه الصحيح بدلا من الجري في اتجاه قد يكون غير دقيق أو مجرد استمرارا لنهج قديم ولكن بنشاط أكبر، أو قد نحتاج لرؤية جديده قديمة بمعنى أن نأخذ بعض الخطوات للخلف ونفكر قليلا داخل الصندوق لعلنا نكتشف حلولا داخله قبل التفكير خارج الصندوق.

هل فعلا العشب كان أكثر اخضرارا؟!

هل يمكن للعشب أن يصير أكثر اخضرارا ويمتلئ بالزهور والورود والفواكه المثمرة؟!

الرابط المختصر
آخر الأخبار