بعد سيطرة الجيش على القصر الجمهوري والخرطوم.. ماذا يحدث في السودان؟

بعد معارك ضارية بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع في الخرطوم، استعادت قوات الجيش السيطرة على القصر الجمهوري، صباح الجمعة الماضي، ليواصل الجيش السوداني تقدمه على قوات الدعم السريع في محاور عدة بالعاصمة الخرطوم.

وأعلن الجيش السيطرة على قيادتا الشرطة والمخابرات العامة ومقرُ الكتيبة الإستراتيجية وبيت الضيافة، كذلك السيطرة على رئاسة مباني مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والدفاع والمالية والداخلية والنفط والمعادن، وتقع كلها وسط الخرطوم، فضلا عن عدد من المستشفيات الحكومية.

استعادة أماكن استراتيجية

وجاء هذا التقدم الكبير في وسط الخرطوم، بعد التحام كامل لقوات الجيش القادمة من مقر القيادة العامة مع القوات القادمة من سلاح المدرعات في منطقة الشجرة بجنوب الخرطوم، ودخول القوات إلى منطقة المقرن التي يوجد بها مقر البنك المركزي.

ولم تقر “قوات الدعم السريع” فوراً بخسارتها، الأمر الذي لن يوقف على الأرجح القتال في الحرب، إذ لا تزال الجماعة وحلفاؤها يسيطرون على أراضٍ في مناطق أخرى بالسودان. كما لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على مواقع مهمة في الخرطوم، منها جزء من مقر القيادة العامة للجيش، ومطار الخرطوم الدولي، والمدينة الرياضية ومعسكر الدفاع الجوي، بالإضافة إلى عدد من المقار الأمنية والعسكرية.

كما تنتشر قواتها بأعداد كبيرة في أحياء شرق الخرطوم، مثل البراري وامتداد ناصر والرياض والمعمورة والطائف، وكل مناطق وضواحي جنوب الحزام الأخضر الواقعة جنوب العاصمة الخرطوم، بجانب سيطرتها على جسري سوبا وشرق النيل.

الهجوم المضاد

بحلول منتصف عام 2024، بدا أن قوات الدعم السريع لها اليد العليا ميدانيا، حيث سيطرت على أجزاء واسعة من العاصمة بما فيها القصر الرئاسي والمطار، وعلى 4 ولايات من ولايات إقليم دارفور الخمسة، كما حاصرت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المتبقية بيد الجيش وحلفائه بالقوة المشتركة المُشكّلة من فصائل دارفور المتمردة سابقا، وكذلك سيطرت على ولاية الجزيرة وعاصمتها مدينة ود مدني حاضنة السوادان الزراعية.

ولكن أعادت قيادة الجيش تموضعها داخليا وخارجيا، فرحبت بظاهرة “كتائب المستنفرين” التي تشكلت شعبيا كرد فعل على انتهاكات الدعم السريع في ولاية الجزيرة التي تضمنت نهب ممتلكات السكان وقتل العديد منهم، وقد لعب الإسلاميون دورا كبيرا في تشكيل تلك الكتائب بالاستفادة من خبرتهم السابقة في قوات الدفاع الشعبي، ومن دورهم في هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات العامة التي حُلت بقرار سابق من عبد الفتاح البرهان -قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة- أمر فيه بتسليم معسكراتها وأسلحتها لقوات الدعم السريع، قبل الخلاف مع قائدها حميدتي.

خطوط الإمداد

مع توافر الدعم البشري، المتمثل في أفراد الجيش والمخابرات العامة والقوة المشتركة وكتائب المستنفرين، والتسليح النوعي لاحقا من الدول الصديقة، بدأت قيادة الجيش تعد لهجوم مضاد يستهدف صد تقدم قوات الدعم السريع ثم استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، وصولا للعمل مستقبلا على فك الحصار عن ولاية شمال دارفور، ومهاجمة الدعم السريع في معقله بإقليم دارفور.

بدأ هجوم الجيش المضاد بحملة جوية استهدفت قوافل إمداد الدعم السريع القادمة من تشاد وليبيا، وقصف بالطائرات المسيرة وبعمليات نوعية ضد ارتكازات الدعم السريع في الخرطوم، لاستنزاف قوات حميدتي وقطع خطوط إمداده.

لا تفاوض قبل تسليم السلاح

من جانبه، أكد القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، أنه “لا تراجع ولا تأخير في القضاء على التمرد”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وتعهد البرهان خلال زيارة إلى منطقة الكاملين بولاية الجزيرة وسط البلاد، باسترداد حقوق الشعب السوداني والثأر له ممن انتهكوا حرماته ونهبوا ممتلكاته، قائلاً: “نحن ماضون والمعركة مستمرة، والقوات المسلحة تتقدم بثبات نحو تحقيق هذه الغاية”، محذراً من أن استمراره “سيقسم البلاد ويروع الناس”.

معركة الخرطوم

وتشير تقديرات إلى أن الجيش السوداني بات يقترب من السيطرة على حوالي 70% من الخرطوم، والتي تشكل إلى جانب مدينتي أم درمان وبحري العاصمة المثلثة، حيث يسيطر الجيش السوداني على كامل محليات بحري وشرق النيل، إلى جانب أكثر من 65% من محلية أم درمان الكبرى ومثلها من محلية الخرطوم، بينما تبقى محلية جبل أولياء في أقصى جنوب الخرطوم خارج نطاق سيطرته.

الرابط المختصر
آخر الأخبار