في خطوة تعكس تصاعد القلق بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي، رفع بنك “جولدمان ساكس” الاستثماري تقديراته لاحتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال الأشهر الـ12 المقبلة إلى 45%، مقارنة بـ35% في تقريره السابق، و20% فقط قبل شهرين.
ويأتي هذا التعديل في ظل تزايد عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية، وتحديدًا بعد فرض الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية جديدة أثارت مخاوف الأسواق من اندلاع حرب تجارية شاملة، خاصة مع تصاعد التوترات التجارية مع الصين ودول أخرى.
الركود يلوح في الأفق
وأشار البنك إلى أن التوقعات المعدلة تستند إلى مؤشرات متزايدة على تباطؤ الإنفاق الرأسمالي للشركات، وتراجع ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد على الصمود أمام التحديات الجيوسياسية والنقدية، وهو ما قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو وتراجع فرص العمل.
وفي السياق ذاته، رفعت مؤسسات مالية أخرى من بينها “جي بي مورغان” تقديرها لاحتمال الركود إلى 60%، وسط إشارات متزايدة على ضعف الأداء الاقتصادي العالمي وتباطؤ سلاسل الإمداد والتوريد.
خلفية: هل تكرّر سيناريو 2008؟
تعيد هذه التوقعات إلى الأذهان أزمة الركود الكبرى في عام 2008، التي بدأت بأزمة الرهن العقاري وتوسعت لتشمل النظام المالي العالمي. اليوم، تأتي المخاوف مدفوعة بعوامل مختلفة، أبرزها التضخم المرتفع، وتذبذب أسعار الفائدة، والتوترات التجارية الدولية، إضافة إلى هشاشة أسواق السلع والطاقة.
وكانت الحكومة الأمريكية قد رفعت أسعار الفائدة بشكل متسارع خلال عامي 2023 و2024 في محاولة لكبح التضخم، ما أدى إلى تباطؤ بعض قطاعات الاقتصاد، خاصة العقارات والتجزئة.
ماذا بعد؟
يرى محللون أن الفترة المقبلة ستشهد ترقبًا حذرًا من قبل المستثمرين، مع توقعات بمزيد من التذبذب في أسواق المال، واحتمالية اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات لخفض الفائدة إذا استمر تباطؤ النمو.
وفي ظل هذه المعطيات، تظل الأسواق تترقب قرارات السياسة النقدية القادمة ومآلات الحرب التجارية، وسط تساؤلات كبيرة: هل يستطيع الاقتصاد الأمريكي تفادي الركود هذه المرة، أم أن السيناريو الأسوأ بات أقرب من أي وقت مضى؟