الكهرباء تناقش مستقبل الشبكات الذكية المصغرة.. خارطة طريق نحو تنمية مستدامة ومجتمعات مستقلة بالطاقة

في تحرك جديد يجسد توجه الدولة نحو تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة، عقد جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك جلسة مشورة مجتمعية موسعة، ناقش خلالها الملامح الأولية للقواعد التنظيمية والتشريعات المقترحة التي ستحكم مشروعات الشبكات الذكية المصغرة، وذلك قبل إقرارها رسميًا.

وقد شهد اللقاء تفاعلًا واسعًا من مختلف الجهات المعنية، بواقع أكثر من 150 مشاركًا، بينهم ممثلون للوزارات، وخبراء في مجالات الطاقة والبنية التحتية، وممثلون عن شركات توزيع الكهرباء والقطاع الخاص، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية تنشط في مجالات الطاقة والتنمية.

بيئة تنظيمية لجذب الاستثمارات

تأتي الجلسة التي أقيمت بالتعاون مع المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) ضمن مشروع MENALINKS، في سياق حرص جهاز تنظيم الكهرباء على خلق بيئة تشريعية عادلة وشفافة تُشجع التنافسية بين جميع الأطراف، سواء من المنتجين أو المستهلكين أو الموزعين.

ويؤكد فتح باب الحضور والمشاركة في جلسات المشورة، سواء بشكل مباشر أو عبر تقنيات الفيديو، توجه الدولة نحو إشراك جميع الفاعلين في صياغة السياسات التي تمس حاضرهم ومستقبلهم الطاقي.

منصة استثمارية للشبكات الذكية

وفي خطوة مكملة، استضاف الجهاز منتدى استثماريًا موسعًا لعرض فرص الاستثمار في مشروعات الشبكات الذكية المصغرة، بمشاركة مؤسسات تمويل دولية وإقليمية وشركات عاملة في قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية.

وقد تم خلال المنتدى تسليط الضوء على طبيعة المشروعات المقترحة، والحوافز المقدمة من الدولة لجذب المستثمرين، فضلاً عن مناقشة التحديات المتوقعة وسبل التغلب عليها من خلال الأطر التمويلية والتنظيمية المتاحة.

مشروعات ذكية معزولة 

تأتي هذه الجهود تنفيذًا لتوجيهات الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الذي شدد على أهمية تسريع تنفيذ مشروعات الشبكات الذكية المصغرة، مع التأكيد على استقلال هذه الشبكات عن الشبكة القومية للكهرباء، واعتمادها بنسبة 100% على مصادر الطاقة المتجددة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع طبيعة الموارد في المناطق المستهدفة.

وأكد الوزير أن هذه المشروعات تُعد الأولى من نوعها في مصر، وتشكل نقطة انطلاق نحو نموذج جديد في إدارة الطاقة يستند إلى الكفاءة والاعتماد المحلي.

وقال إن الشبكات المصغرة باتت عنصرًا رئيسيًا في خطط التحول الطاقي حول العالم، خاصة في الدول الساعية إلى تطوير منظوماتها الكهربائية وتحقيق العدالة في توزيع الطاقة.

تعزيز النمو الاقتصادي

ويمثل هذا التوجه بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد إيصال الكهرباء، إذ يسهم في خلق بيئة مناسبة للنمو الاقتصادي والاجتماعي في المناطق النائية.

فالشبكات المصغرة ستُمكن المجتمعات المحلية من إنتاج واستهلاك الطاقة بطريقة مستقلة وفعالة، ما يفتح الباب أمام أنشطة زراعية وصناعية وتجارية جديدة، ويعزز من فرص التمكين المحلي والاعتماد على الذات.

وأشار الدكتور عصمت إلى أن الإطار التنظيمي المنتظر سيتضمن قواعد واضحة تسهل تأسيس هذه الشبكات وتشغيلها، وتشجع التعاون بين القطاع الخاص والمجتمعات المحلية، في ظل بيئة تشريعية مرنة تستوعب المتغيرات العالمية وتواكب التطورات التكنولوجية.

شراكة فعالة مع القطاع الخاص

وفي ذات السياق، شدد الوزير على أن مشاركة القطاع الخاص في هذه المنظومة أمر لا غنى عنه، نظرًا لما يملكه من إمكانات مالية وتقنية وخبرة طويلة في تنفيذ المشروعات الكبرى.

وأوضح أن الدولة تراهن على هذا الدور في إحداث نقلة نوعية على صعيد البنية التحتية الكهربائية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والحد من الانبعاثات الكربونية، فضلًا عن إرساء أسس اقتصاد أخضر يتسم بالمرونة والكفاءة.

مستقبل طاقي أكثر استدامة

بهذه الخطوات، يبرهن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك على التزامه برؤية وطنية واضحة للتحول الطاقي، تقوم على الابتكار والاستثمار والتشاركية المجتمعية، وتفتح آفاقًا جديدة أمام التنمية المستدامة في ربوع الجمهورية، لا سيما في المناطق التي ظلت لفترات طويلة خارج مظلة الشبكة القومية.

وتُعد مشروعات الشبكات الذكية المصغرة، بما تحمله من إمكانات تكنولوجية واقتصادية، ركيزة رئيسية في هذا التوجه، وقاطرة تدفع مصر نحو تحقيق أمن طاقي شامل، وتنمية متوازنة لا تُقصي أحدًا من ثمار النمو والتطور.

الرابط المختصر
آخر الأخبار