أحمد حلمى ومصنع الكراسي

حكاية وحلم بدأ من ستينيات القرن الماضى وكلنا عارفين حكايته، بس أحمد حلمى حكاية قصيرة بموته لكنها طويلة وستبقى فى ذاكرة الزمان بذكراه العطرة…

فكلنا إلى زوال ولن يبقى إلا وجه الله، عرفته من ٦ سنوات فقط شاب طموح يافع بشوش مثقف متعلم جميل الخلق والاخلاق وتحدثنا سويا لبضع دقائق  ولأنه  يجذب قلبك وروحك من اول مرة.

بدأت صداقتنا واصبحنا زملاء فى اتحاد الصناعات المصرى، كان «حلمي» فى غرفة الأثاث وأنا فى مواد البناء وأصبحنا نلتقى ونتحدث يوميًا عن هموم ومشاكل صناعاتنا واوجاعنا واحلامنا وافرحنا.

وظل يتابع صفحتى باعجاب شديد وانا اقول له يا أحمد انت من وجه نظرى انسان عبقرى قادر على قيادة وزارة وليس غرفة صناعية كل مؤهلاتك النفسيه والشخصية تلزمني أن أقول لك ذلك فينظر إلي بابتسامته المعهودة ويقول المنصب زائل ولدى طموح كبير فى مصانعى إلى أن فوجئت  بكرسى مكتوب عليه أسمى.

من مصنع الكراسي هديه لمكتبى وقولت له ما هذا الجمال ما هذا الإبداع انت اللى عامله يا أحمد، كيف طورت فكرة كرسى خيزران فى المقاهى فى كل حته فى مصر من ٧٠ سنه الى هذه التحفة الفنية الجميلة..فقال لى: «يا دكتور الإبداع فطرة فى الإنسان بس عايز الفرصة تظهره له واحنا عندنا مبدعين كثر عايزين فرصة».

مرت بضعه شهور ليطلب منى «عزل» المصنع الجديد فأرسلت له طاقم العمل ونسيت الموضوع..وبعد  شهر تقريبًا..قالى ايه الجمال والحلاوة دى، جمال ايه يا أحمد شغل العزل بتاعك قال لى أنا هتصور سلفى وابعتهولك وبعدين سألني العزل دا مصرى قولت له اه  زى مصنع الكراسي..مصرى ١٠٠% يا أحمد، فرد وقال لى تحيا مصر.

كنا نجلس سويا متجاورين فى جلسات الاتحاد نتحاور ونتكلم لمدة ساعتين مرة كل شهر..وقبل اسبوع هاتفنى شريف فرج صديقى من تيلفونه إلا أننى فوجئت أن الذى يحدثنى هو أحمد حلمى..

قال لي، يا دكتور نعم ياشريف، يادكتور انا مش شريف..إيه دا مين أحمد حلمى ..أنت تعرف شريف فرج صحبى..فرد وقال لي..ياكمال احنا متربين سوا..ينهار أبيض..طيب هنتقابل أمتى أنا عازمكم..قالى اول ما نرجع من شرم الشيخ أنا وأنت هنكلم شريف ونتقابل.

وفجأه  أعتذر عن السفر بسبب المعرض، وقابلته اخر مرة فى عزاء والدة الزميل احمد عبد الحميد وبحضن كبيييير وطويل وكأنه يودعنى وقال لى اشوفك بخير لما ترجع من المؤتمر..ولم يحدث ولن يحدث. 

لا أدرى كيف استمر وانت غائب عنا؟.. لا أعرف كيف اجلس وانت غير موجود بجانبى؟ لا أعرف كيف لا نتكلم سويا؟..

اليوم رحلت عنا وتركت بداخلنا جرح لن يلتئم  إلا بلقاءك عند رب كريم..فى جنات النعيم يا أحمد.

لا أعرف كيف سنقف خلف حكاية مصنع الكراسي..لكن حلمى الشخصي الآن أن يظل حلم أحمد حلمى ممثلا فى اولاده وزوجته وعائلته..هو حلم كل من أحبك.. حلم كل من عرفك..حلم كل من عمل معك..حلم كل اصدقاءك وحلم كل المصريين

ليظل أحمد حلمى ايقونه مصنع الكراسي..وداعًا صديقى العزيز في جنة الخلد يا أحمد يا حلمي.

الرابط المختصر
آخر الأخبار