كانت أول مقاطعة اقتصادية في التاريخ ضد المسلمين حيث رأت قريش في أبان ظهور الإسلام كدين جديد على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وانتشار هذا الدين الحنيف بين أفرادها أنه لابد أن يكون لهم موقف .. وموقف واضح و صارم!
فقاموا بأول مقاطعة اقتصادية حيث اتفقوا على ألا يبايعوا ولا يجالسوا ولا يتاجروا بني هاشم، بني عبد المطلب وبني عبد مناف على أن يسلموهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وأتى بعد ذلك كثيرًا من المقاطعات الاقتصادية بين الدول في شكلها الحديث خاصةً في أوقات الحروب، وتختلف المقاطعة عن الكساد حيث إن الكساد الكبير استمر من 1929 حتى 1941 والذي بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية مرورًا بدول أوروبا ثم دول آسيا وأشهرهم اليابان التي عانت الأمرين في هذه الفترة ثم اندحرت بعد ذلك الدول الأكثر فقرًا واحتياجًا في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وعلى الرغم من وجود هذا الاختلاف إلا أن المقاطعة ومع استمرارها قد تؤدى إلى كساد اقتصادي في الدولة التي يقام ضدها هذا الإجراء ولكن تلاحظ على مدار أكثر من 50 عامًا من الدراسات والأبحاث الاقتصادية أن المنتجات النهائية التي تصل إلى يد المستهلك النهائي هي التي فقط ما تتأثر ويتأثر الدول المصدرة لهذه المنتجات وعلى العكس تمامًا في الدول المصنعة أو التي تقوم بتصدير منتجات غير نهائية أو تصدر صناعات مكملة أو مغذية وبالتالي لا يتأثر حجم تصديرها وبالتالي لا يتأثر اقتصادها.
و لكن في حالة ما يحدث في بلادنا للاسف الشديد نحن نقوم بإيذاء رأس المال المصري قولًا واحدًا، حيث إن كل التوكيلات سواء لمنتجات غذائية أو مطاعم أو منتجات أخرى غير غذائية هي منتجات يملكها رجل الأعمال المصري ولكنه لا يملك العلامة التجارية نفسها!
فالعلامة التجارية بالفعل أوروبية أو أمريكية ولكن من حصل على حق استغلالها هو رجل أعمال مصري يهدف إلى الربح من ورائها الأمر الذي يمكنه من مضاعفة رأس المال وبالتالي فتح مجال لأعمال وصناعات أخرى تفيد الاقتصاد القومي للبلاد.
فعلى سبيل المثال محلات ماكدونالدز للأكلات السريعة هي تحت إدارة شركة مصرية وهي “مانفودوز” التي قامت بالحصول على التوكيل الخاص بتشغيل العلامة التجارية داخل حدود جمهورية مصر العربية مقابل مبلغ مالي “مقطوع” صافي وفي بعض العقود تكون هناك نسبة من الأرباح السنوية وإن كان هذا الأمر غير رائج في منطقتنا العربية حيث إن الأمريكان والأوروبيين يفضلوا التعامل مع دول الشرق الأوسط وإفريقيا بمبالغ ثابتة تخدم مصالحهم وتبعدهم تمامًا عن الخوض في مسائل قوانين الاستثمار والضرائب الاقتصادية المفروضة المتجددة بين الحين والآخر.
ولذلك نجد أننا نضر العلامات التجارية التي يقوم بتشغيلها والاستثمار فيها مجموعة من رجال الأعمال المصريين والذين يقومون بتشغيل آلاف من الشباب المصري من الجنسين الأمر الذي يقلل من خطورة زيادة البطالة في مصر مع العلم أن الجهاز الإداري للدولة (موظفي القطاع العام والأعمال) لا يستوعب أكثر من 8 مليون موظف و عامل، حيث يقوم القطاع الخاص بتحمل توظيف أكثر من 70% من القوى العاملة في مصر!
لذا فالامر يحتاج منا إلى روية وإعادة تفكير بهدوء وبما يخدم مصالحنا نحن.