د.محمد القاضي يكتب: القاهرة كما تستحق أن تكون
لا مجال للحديث عن قيمة مدينة القاهرة تاريخيًا فهي بلا شك تشكل DNA مصر المحروسة كما كانت تعرف عبر التاريخ، إن كل منطقة وزقاق وحارة ومسجد وكنيسة وبيت يحمل قصصا في طياته تحكي تاريخ هذه البلد.
يكفي أن تتجول على قدميك في خان الخليلي او تحت الربع او سوق السلاح حتى تتخيل بشرًا يعيشون من ألف سنة يبيعون ويشترون ويأكلون بنفس النمط القديم، شخصيًا عندما أتجول هناك أشعر بأنني أرتدي نظارة الواقع الافتراضي (virtual reality) أري بها عبر الزمن.
القاهرة تستحق أكثر بكثير من أن يخترقها بضعة طرق سريع تقطع أوصال حقباتها التاريخية وتحاصر معالمها العمرانية بطرق سريعة تنقل المرور العابر من شرق القاهرة لغربها عبر قلبها التاريخي، إننا نتعامل مع القاهرة كأنها مدينه في الصحراء يستمتع فيها مهندسي الطرق والمرور بتقطيع أوصالها بطرق سريعة هدفها نقل الحركة وتخفيف الزحام فقط.
إن القاهرة تستحق بضعة دقائق من التفكير قبل أن تمتد معاول هدم المباني ومعدات شق الطرق . نعم بضعة دقائق لا أكثر، ونجاوب على بعض التساؤلات التي قد تساهم في إعادة التفكير في استراتيجية التعامل معها كمدينة عريقة.
- ماذا نريد للقاهرة؟
- كيف نعظم الاستفادة من الآثار؟
- كيف نولد عملة صعبة من داخل القاهرة؟
- كيف نجعل القاهرة إحدى الوجهات الرئيسية للسياحة في العالم؟.
في السطور التالية سوف أعرض لكم إجابات لهذه الأسئلة قد تشجعنا على الحلم، عن نفسي أحلم أن تصبح القاهرة أكثر مدينه بها شوارع مشاة (pedestrian friendly city) تصبح مدينة قليلة السيارات يمنع المرور العابر تماما ونعتمد على الطرق الدائرية بعد توسيعها وتطويرها في نقل المرور من الشرق للغرب وتنضم القاهرة لقائمة أكثر عشرة مدن قابلة للمشي في العالم (the most walkable cities).
أحلم بعمل مجموعة من مسارات المشاة الخالية من السيارات يقصدها السياح والمصريون ويتم الترويج لها عبر العالم، مثلا شارع مشاة ينزل من القلعة حتى سور مجرى العيون مرورًا بمسجد السيدة عائشة والسيدة نفيسة يجاوره خط “تليفريك” ينزل من جامع محمد علي الي متحف الحضارة، وينقسم هذا الخط الي محطات تتكامل مع بعض مسارات المشاة الفرعية مثل مسار السلطان حسن والرفاعي، هل نحلم بأن يتحول هذا الشارع إلى أكبر شارع مشاة في القاهرة.
كم من المسارات الأخرى التي يمكن أن نحققها، من جامع عمرو ومنطقة كنائس مصر القديمة إلى متحف الحضارة، شارع محمد علي من السلطان حسن إلى قصر عابدين، عشرات المسارات التي يمكن أن تعيد بعث القاهرة التاريخية وضمها إلى خريطة السياحة العالمية مرة أخرى.
هل نتعاون لعمل جلسات عصف ذهني للقاهرة وندعو خبراء التصميم والتخطيط العمراني وخبراء السياحة ونحلم بالقاهرة كما نتمنى أن نراها، وتصبح القاهرة كما تستحق أن تكون.