خسر أكثر من مليون شخص، من بينهم مصريون، ما يزيد عن 6 مليارات دولار في عملية احتيال كبرى نفذتها منصة FBC الإلكترونية.
ووتسببت هذه العملية في تكبيد أعداد كبيرة من المستثمرين على المنصة خسائر فادحة، إذ وقعوا ضحية لوعود كاذبة بالثراء السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ظهرت منصة FBC كمنصة استثمارية عبر الإنترنت، مدّعيةً تقديم فرص ربح مغرية من خلال تنفيذ مهام يومية بسيطة مقابل عوائد مالية مرتفعة، واستقطبت نحو 15 ألف مستخدم قاموا بتنزيل التطبيق الخاص بها.
FBC في مصر
وذاع صيت منصة FBC في مصر قبل أشهر، وتحديدًا في أواخر عام 2024، عندما رُوِّج لها عبر قنوات مختلفة ومن خلال مجموعة من الأفراد بأسلوب يشبه التسويق الشبكي. تم الترويج للمنصة على أنها أداة تتيح لمستخدميها تحقيق أرباح مقابل تنفيذ بعض المهام الموكلة إليهم عبر الإنترنت، مثل التفاعل مع صفحات أو منتجات معينة، مشاهدة مقاطع فيديو والإعجاب بها، وتحميل تطبيقات في أوقات محددة.
واعتمدت المنصة على نظام اشتراكات، حيث يختار المستخدم باقة استثمارية معينة، من بينها باقة للمشتركين المصريين بقيمة 11,200 جنيه مصري، تتيح للمستثمر تحقيق 490 جنيهًا يوميًا ومكافأة قدرها 5,000 جنيه، مع إمكانية تنفيذ 35 مهمة يوميًا.
وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها خبراء بشأن التعامل مع منصات غير موثوق بها مثل FBC، تجاهل العديد من الأشخاص هذه التنبيهات. اعتمد المحتالون على استراتيجيات تسويقية جذابة، مستخدمين مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للمنصة، مما أكسبها مصداقية زائفة. إضافةً إلى ذلك، استغلوا رغبة الكثيرين في تحسين أوضاعهم المالية بسرعة، مما جعلهم فريسة سهلة لهذه العملية الاحتيالية.
وتعود جذور القضية إلى أوائل فبراير 2025، حيث ظهرت منصة FBC كمنصة للتسوق الإلكتروني، مستعينةً بمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لها في حملة جذبت آلاف المستخدمين، إذ قام حوالي 15 ألف شخص بتحميل تطبيقها على هواتفهم.
صنّفت المنصة مستخدميها إلى مستويات مختلفة، مثل موظفين ومتدربين ومديرين، كما شجّعت بعض المستخدمين على إنشاء فروع لها والحصول على تراخيص سجل تجاري. نظم بعضهم فعاليات اجتماعية وحفلات بتمويل من الشركة لجذب مزيد من المتعاملين.
خلال تلك الفعاليات والحملات الإعلانية، استُغلت شهادات أشخاص زعموا تحقيق أرباح طائلة وثروات من العمل عبر المنصة، مدّعين أنهم تمكّنوا من شراء فيلات ووحدات سكنية وسيارات فاخرة بمجرد مداومتهم على تنفيذ المهام المطلوبة، مثل مشاهدة مقاطع الفيديو والتفاعل مع المنتجات والصفحات.
ضحايا المنصة
اتبعت المنصة نظام “الدفع من أجل الربح”؛ حيث كان يتعيّن على المستخدمين دفع مبالغ مالية للاشتراك في باقات استثمارية مختلفة، أشهرها باقة 11,200 جنيه، والتي كانت توفر ربحًا يوميًا بقيمة 490 جنيهًا، بالإضافة إلى مكافآت تصل إلى 5,000 جنيه مقابل تنفيذ مهام تسويقية. كان على المستخدم فتح حساب على التطبيق ليتمكن من البدء في الربح، وكلما كانت الباقة المختارة أكبر، زادت الأرباح اليومية.
تمكن المستخدمون في البداية من سحب أرباحهم يوميًا، ما عزز الثقة في المنصة وجذب مزيدًا من المشتركين. لكن لاحقًا، فرضت المنصة قيودًا على عمليات السحب، ثم منعت العملاء نهائيًا من الوصول إلى أموالهم.
ضبط المتهمين
مع تزايد شكاوى المستخدمين وتقديمهم بلاغات إلى الجهات المختصة، تحرّكت الأجهزة الأمنية لضبط المتورطين في عملية الاحتيال.
تمكنت الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، بالتعاون مع إدارة البحث الجنائي في محافظة البحيرة، من القبض على أحد المتهمين المرتبطين بـ FBC.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيانٍ صدر أمس الاثنين، أن التحريات كشفت عن “تشكيل عصابي” يتزعمه ثلاثة أشخاص يحملون جنسيات أجنبية، متواجدون داخل البلاد، ولهم ارتباطات بشبكة إجرامية دولية متخصصة في النصب والاحتيال الإلكتروني والاستيلاء على أموال المواطنين بزعم استثمارها عبر منصة إلكترونية تحمل اسم “FBC”.
وأوضح البيان أن المتهمين اتفقوا مع 11 شخصًا لتأسيس شركة في القاهرة لممارسة نشاطهم الإجرامي، والترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق واتساب مقابل عمولات مالية. كما قاموا بتوفير خطوط هواتف محمولة لاستخدامها في تفعيل محافظ إلكترونية ببيانات وهمية، بهدف تلقي الأموال وتحويلها. وبعد الاستيلاء على المبالغ المالية، تم إغلاق المنصة ومقر الشركة.
تشديد العقوبة
مع تزايد جرائم الاحتيال الإلكتروني، سعى المشرّع المصري إلى تشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم. وفقًا لتعديلات مقترحة على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتي نوقشت في أواخر عام 2024 بمجلس النواب المصري، يُعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات كل من يرتكب جريمة النصب باستخدام وسائل التكنولوجيا والاتصال عبر شبكة الإنترنت.